توزيع أرباح الشركات وضوابطه

20/02/2017 1
زياد الدباس

الهدف من أي استثمار مالي هو تحقيق عائد يتناسب مع حجم أخطار الاستثمار ويحقق هدف الحفاظ على القوة الشرائية للأموال المستثمرة، في ظل الارتفاع المستمر في مستوى التضخم. وللعائد من الاستثمار في أسهم الشركات المدرجة في الأسواق المالية ثلاثة مصادر، الأول هو الأرباح النقدية السنوية التي توزعها الشركات المساهمة على المساهمين، والثاني أسهم المنحة أو الأسهم المجانية التي توزعها الشركات على مساهميها بين فترة زمنية وأخرى، والثالث الأرباح الرأسمالية الناتجة عن ارتفاع أسعار أسهم الشركات في السوق خلال العام نتيجة عوامل الطلب والعرض.

وارتفاع القيمة السوقية لسهم أي شركة يتعزز بالنمو المتواصل في أرباح الشركات الذي ينعكس إيجاباً على نسبة الأرباح الموزعة وعلى المؤشرات المالية للشركات. والأرباح الرأسمالية الناتجة عن ارتفاع أسعار أسهم الشركات في السوق، عادة ما تكون هدف المستثمرين في الأجل القصير، بينما يهتم المستثمرون في الأجل الطويل بالأرباح النقدية الموزعة لتغطية نفقاتهم.

ونسبة التوزيعات النقدية السنوية تأخذ في الاعتبار عوامل كثيرة، تأتي في مقدمها سلامة المركز المالي للشركات بعد التوزيعات والأرباح المحققة خلال العام، فكلما ارتفعت قيمة الأرباح السنوية المحققة كانت إدارة الشركات قادرة على توزيع نسبة أكبر من صافي أرباحها، كما أن نسب الأرباح الموزعة في السنوات السابقة تؤدي دوراً مهماً في الحفاظ على توزيع النسبة نفسها.

وتؤدي التدفقات النقدية وتوافر السيولة النقدية أيضاً دوراً بارزاً في تشجيع الشركات على توزيع الأرباح النقدية كما هي الحال في قطاع المصارف، إذ يتمتع القطاع بمؤشرات مالية ومؤشرات سيولة جيدة. وقد تكون الشركة حققت أرباحاً كبيرة، لكن هذه الأرباح قد تكون احتجزت واستعملت لتمويل موجودات الشركة، وهذا يصح خصوصاً على الشركات التي تنمو بمعدلات عالية وتستعمل كل مصادر التمويل المتاحة لها لتمويل التوسعات والاستحواذات.

وتعاني الشركات من عجز في السيولة في مراحل الركود الاقتصادي، نظراً إلى انخفاض المبيعات ما يقلل قدرة الشركات على توزيع الأرباح. وللشركات الصغيرة والجديدة قدرة محدودة على الاقتراض من المصارف أو التمويل من خلال إصدار أسهم، لأنها لا تكون معروفة جيداً من المصارف والمستثمرين، ما يفرض عليها الاتجاه نحو احتجاز نسبة كبيرة من الأرباح المحققة، مقارنة بالشركات الكبيرة والقديمة التي توزع نسب أرباح أكبر على المساهمين.

ومجلس إدارة الشركة المنتخب من المساهمين يقترح عادة على الجمعيات العمومية نسب الأرباح المقرر توزيعها على المساهمين، وتكون اقتراحات مجلس الإدارة عادة مقبولة من المساهمين في ظل امتلاكهم حصة مهمة من رأسمال الشركات.

وتنص القوانين على عدم توزيع الأرباح ما لم تكن هذه الأخيرة تحققت فعلاً، أو تأتت من أرباح سنوات سابقة، ولم تكن أرباحاً مترتبة على إعادة تقويم. ويتوقف توزيع الأرباح إذا لم تتوافر السيولة التي تمكن الشركات من دفع التزاماتها في مواعيدها المحددة، فلا يمس رأسمال الشركة الذي يعتبر ضماناً للدائنين باسترجاع أموالهم. وتستلزم متطلبات التوسع والاستثمار لدى الشركات حشد هذه الأخيرة إمكانياتها المالية، فالاعتماد على مصادر تمويل ذاتي قد يكون أفضل من اللجوء إلى مصادر تمويل خارجية ذات تكلفة عالية، وهذا ما يدعو الشركات إلى احتجاز الأرباح بدلاً من توزيعها.

ويحبذ المضاربون في الأسواق عادة توزيع الشركات أكبر نسبة من أرباحها المحققة من أجل رفع سعر أسهمها في السوق بعكس المستثمرين في الأجل الطويل. والشركات المساهمة العامة قد تلجأ، بهدف تمويل نشاطاتها، إلى الحصول على القروض من الغير وبالتالي فهي ملزمة سداد قيمة هذه القروض وفوائدها في تواريخ الاستحقاق. أما الشركات التي ترغب في ارتفاع نسبة الدين الخارجي أو في أن تكون جزءاً دائماً من هيكلة رأس المال فتميل إلى احتجاز جزء كبير من أرباحها لغاية سداد الديون.

وتمثل معرفة حجم الأرباح واتجاهها في المستقبل جانباً مهماً يؤثر في سياسة توزيع الأرباح كما أن ثبات معدل ربح الشركة نسبياً يشجع على أن توزع نسبة مرتفعة من صافي أرباحها لأنها تستطيع أن تتوقع أرباحها المستقبلية، أما إذا كان معدل الربح غير مستقر، ولا يمكن توقعه فإن ذلك يشجع الشركة على أن تحتفظ بجزء كبير من أرباحها الحالية تمسكاً بمستوى معين للتوزيع في حال انخفضت الأرباح.

ولا توزع نسبة من الشركات في المنطقة أرباحاً على مساهميها نتيجة الانخفاض الكبير في أرباحها التشغيلية أو تعرضها إلى خسائر، بينما يفضّل عدد كبير من المستثمرين شراء أسهم الشركات التي توزع أرباحاً على مساهميها باعتبارها تتمتع بمؤشرات مالية وربحية وسيولة جيدة، وبالتالي يرتفع حجم الطلب على أسهمها. وهنا لا بد من الإشارة إلى أن القوانين في العديد من الدول تسمح للشركات بتوزيع أرباحها السنوية على دفعتين.

نقلا عن الحياة