شهد العام الجاري انخفاضاً في أسعار الفوسفات في الأسواق العالمية لاسيما منتجات الأسمدة الفوسفاتية عاد بالأسعار إلى مستويات متدنية لم تشهدها الأسواق منذ 7 أعوام. حيث لم يسلم الفوسفات كأحد المنتجات التعدينية التي تستخدم كأسمدة زراعية من تبعات الازمة المالية الراهنة التي افرزتها اضطرابات أسواق السلع وتراجع أسعار النفط ومواد الخام ومدخلات الإنتاج. واتحدت عوامل عدة وبشكل متزامن للضغط على أسعار الاسمدة الفوسفاتية في الأسواق العالمية، من ابرزها تراجع أسعار النفط إلى أقل من 50 دولار وأسعار مدخلات الانتاج كمادة الكبريت ومنتج الأمونيا.
اضافة الى توقف بعض الأنشطة الزراعية في بعض الدول، بجانب تراجع الاستهلاك بسبب ضعف موسم الامطار في بعض الدول التي تستهلك الأسمدة في آسيا واستراليا. كما ساهم في هذا الاتجاه السلبي عوامل أخرى مثل توافر فائض كبير في المخزون في سوق الهند على وجه الخصوص، وتقليص الإعانات الحكومية للمستوردين خصوصا في الهند وباكستان، إضافة إلى توسع إنتاج الأسمدة الفوسفاتية في الصين خلال السنوات الثلاث السابقة وتراجع سعر صرف العملات أمام الدولار، وانخفاض أسعار المحاصيل الرئيسة مثل الأرز والقمح والذرة، مما لا يشجع المزارعين على زيادة استهلاك الأسمدة عموما.
وانعكس هذا التراجع على خارطة النتائج الفصلية للكثير من الشركات العالمية المنتجة للأسمدة الفوسفاتية التي كشفت عن تراجعات في الأرباح وخسائر متتابعة، ويقدر هبوط الاسعار مقارنة بالعام الماضي بنحو 30% تقريبا لمنتج أحادي فوسفات الامونيوم (DAP) وأكثر من 50% لمنتج الأمونيا وفقا للمنشورات الدورية التي تصدر عن جهات متخصصة في أسواق الفوسفات مثل CRU. وأمام هذه العوامل الضاغطة على صناعة الفوسفات، فإنه ليس من المستبعد استمرار التراجع السعري، لاسيما وأن هذه العوامل مجتمعة، تتزامن مع احتدام المنافسة بين المصنعين.
ومحليا، تتعامل «معادن» الشركة الأبرز في قطاع التعدين، والتي تنتج الأسمدة الفوسفاتية مع الأزمة التي تعيشها الأسواق العالمية، وفقا لتصريحات سابقة لمسؤولين فيها بالعمل على خفض التكاليف والتوجه إلى تنويع محفظتها الاستثمارية وطرق أبواب أسواق جديدة، وتنظر الشركات الكبرى إلى هذه الأزمة بمبدأ أن كل أزمة تحمل في طياتها فرصا للشركات الكبيرة في تعزيز مركزها المستقبلي.
وكانت أرباح «معادن» قد تراجعت 51 % عن الربع المماثل من العام السابق، وبمقدار 22% عن الربع السابق، حيث انخفضت الأرباح الصافية الى 132.4مليون ريال (0.11 ريال للسهم) خلال الربع الثاني 2016، هذا ويساهم قطاع الفوسفات بجزء كبير من صافي أرباح الشركة خلال الفترات الماضية.
ورغم صعوبة المرحلة الحالية، إلا أن دراسة علمية أميركية حديثة اوردتها المجلة العلمية ساينس افادت بأن دور الفوسفات سيتزايد في العقود المقبلة، بسبب عوامل عدة من أبرزها النمو السكاني والذي يتطلب مواكبته بزيادة الغذاء مما يجعله يحتل دور رياديا بين الصناعات، وهذه التوقعات تؤكد أن هبوط الاسعار الحالي يعد نتيجة لتبادل دورات الهبوط والارتفاع في الاسواق من حيث الطلب والاسعار، حيث تمتد الدورة السعرية بين 3 إلى 5 سنوات ومن المتوقع أن تنتهي في 2019.
نقلا عن الجزيرة