لأن هناك أناس تتأثر بالدعاية وتصدق ذلك، والحق أن الدعاية صادقة في تنظيف الشعر لكن لم يثبت بعد أن مسحوق يجعل الشعر الخشن ناعما.
الحالة السابقة تعتبر من عشرات الوقائع التي تحدث للناس يوميا، وفي هذا المجال تحديدا كتب البرفسور سانستاين من جامعة هارفارد مقال بعنوان: لماذا تخدعنا الأسواق الحرة؟* المقال يدور حول أطروحة عالمان حاصلان على نوبل هما جورج أكيرلوف وروبرت شلر تتمحور حول(التصيد الاحتيالي) أو ما يسمونه Phishing ، نموذج دعاية المنظفات قريب جدا من حياتنا اليومية.
وهو يصلح مثال على أطروحتهم، لكن ما يودون الذهب إليه من خلال هذه الآلية أبعد من ذلك.
بداية يشيد أكيرلوف وشلر بالاقتصاد السلوكي** لكن يريدان الذهاب إلى منطقة واستكشاف أخرى، فالاقتصاد السلوكي لا يقدم إلا سلسلة من الأخطاء يقع فيها البشر في تعاملاتهم المالية، و المطلوب هو تقديم وصف أعم للآلية التي تتسبب بها الأسواق بالضرر الشامل وتعليل ذلك.
الطاقة التفسيرية لآلية(التصيد الاحتيالي)تشمل جوانب عدة، مثلا يرون أن اليد الخفية تعبير آدم سمث الشهير_وهي أن مصلحتي الخاصة بالربح من المنظفات يعني توفير النظافة للناس_تضمن وقوع التصيد الاحتيالي، وإذا كانت حاجتنا الفعلية من المنظفات هي النظافة وهي تجعل حياتنا أفضل بالتأكيد، إلا أن الأسواق تريد أمرا ثانيا فلا بد أن تولد شئ جديدا لتصنع أسواق جديدة لتربح ويستمر الطلب في النمو ولا يوجد أفضل من قصة نعومة الشعر والتي لسنا متأكدين من أن حياتنا ستكون أفضل معها، نعومة الشعر في دعاية المنظفات هو التصيد الاحتيالي.
يتنقل العالمان عبر الأزمة المالية 2008 ليبرهنان أن التصيد الاحتيالي لم يقع على المقترضين فقط وإنما المستثمرين أيضا أي أحد أعمدة الأسواق الحرة، ويمران بالبطاقات الإئتمانية وشركات التبغ والأدوية، ليس ذلك فحسب، بل يجدون علاقة بين تطور وصول الشبكات الاجتماعية للمستهلكين " فيس بوك"وبين الانتخابات الأمريكية ويؤكدان.
ان مخاطرا قادمة في 2016، فالتصيد الاحتيالي يتلاعب في التركيز لتحصل كل النتائج السابقة، والأسوء أن الحصول على حياة أفضل تضيع في حجم انتشار التصيد الاحتيالي فلا يحصل الأفضل لنا عبر شئ من عمل الأسواق الحرة، وفي إشارة لطيفة لضرر تنافسية الشركات نفسها يقولون بأن الشركات التي تجتنب التصيد الاحتيالي لن تكون منافسة للشركات التي تتصيد احتياليا.
يعود البرفسور سانستاين لنقد أطروحة جورج وشيلر من بوابة التعميم ويدعوا إلى تخصيص المجال وكذلك طرح آلية للتمييز ، حتى نعرف ماهو الشئ الذي يخرج اليد الخفية عن المسار الصحيح.
يبدوا أننا مع هذا المستوى من النقد نعرف كيف تجاوز العلماء بعض التحيزات للمدارس الاقتصادية والتي ثبت أنها تضر، وهو يعكس مقدار الحاجة لعمل جاد لتعزيز الواقع لا إغراقه بلغة قد تكون تصيدا احتياليا لمستقبلنا، وعلى المستوى المحلي فإن في ذلك يتيح لنا إعادة النظر في مواقفنا الاقتصادية على المستوى الشخصي والعام أيضا، فهناك أشياء لسنا بحاجة إليها ولا تجعل حياتنا أفضل وربما هي من أسباب أزماتنا.