من نعم الله علينا أننا نعيش حياة مستقرة من جميع النواحي ولكن لكي تستمر حياتنا على نفس المنوال يجب أن ندرك أثر ومخاطر لا ندركها لأننا لا نشعر بها على المدى القصير وهي خطر البيئة على الفرد.
المملكة العربية السعودية تعتبر من أكثر الدول المستهلكة مما يؤدي إلى عواقب وخيمة لن نشعر بها على المدى القصير ولكن حتما أبناء المستقبل سيصبحون أول المتضررين.
وجود كمية كبيرة من النفط لا يعني وجوب الاستهلاك بلا وعي وعدم المسؤولية فالتاريخ سيذكرنا يوما ما أن سبب دمار ما بنيناه في الماضي هو تفاقم الاستهلاك اللاواعي والذي ضرره طويل المدى أعلى بكثير ولكنه غير ملموس على المدى القصير.
سبب كتابتي للمقال هو ذهابي في رحلة قصيرة مع مجموعة تشمل أكاديميين وطلاب إلى ثاني أكبر متجر لشركة ايكيا في العالم والموجود في مدينة مالمو، السويد وكان سبب ذهابنا لذاك المتجر بالذات أننه من أوائل المتاجر التي تعتمد بنفسها على إنتاج وتوريد الطاقة بالإضافة إلى أجهزة أخرى تساعد على الحفاظ على البيئة بشكل غير مباشر.
سأتحدث عن جهاز الطاقة والذي من وجهة نظري يعتبر الأهم والأحدث في مجال الحفاظ على البيئة فمدينة مالمو من المدن الباردة طوال العام باستثناء شهرين إلى ثلاثة أشهر في فصل الصيف فمعدل استهلاكهم للتدفئة قريب من معدل استهلاكنا للتبريد مما يعني وجود قيمة استهلاكية إضافية للمباني والشركات.
سأذكر مثال واحد عن كيفية استثمار أبسط الأمور والاستفادة منها في شيء أكبر كما نعلم متجر ايكيا يحتوي على مطبخ والذي بدوره يقدم الطعام يوميا للزبائن والزوار والمتجر بسبب حجمه الكبير وفر منطقة طعام كبيرة جدا تتسع لما يقارب ال٥٠٠ شخص ولكن هل فكرت يوما أين تذهب فائض الطعام المتبقي؟ حتما لن يخطر ببالك.
يقوم المتجر بتوعية الزبائن عند الانتهاء من الوجبة وعدم إكمالها بعدم رميها ووضعها في مكان مخصص والذي بدوره يسحب الطعام إلى جهاز الطاقة المذكور أعلاه ويقوم بتحويل بقايا الطعام عبر أنابيب خاصة إلى وقود يغذي المبنى بالطاقة بالإضافة إلى إنتاج مواد يستطيع المزارعون الاستفادة منها في الزراعة.
مهما ارتفعت قيمة الجهاز فالعوائد مجزية للشركة والمجتمع والبيئة.
ولله الحمد المملكة العربية السعودية لديها المال لجلب أحدث الأجهزة ولكن قبل ذلك يجب علينا نشر مفهوم الحفاظ على البيئة وتوعية أبنآئنا وبناتنا بفوائدها فأنا منكم وفيكم أستهلك بقدر ما تستهلكون ولكن عند دخولي المجال ومعرفة الأضرار والفوائد بدأت بنفسي وأريد أن نتشارك جميعا في نشر ذلك.
للأسف تدرج في مجتمعنا مقولة متداولة "أن يدا واحدة لا تستطيع التصفيق" ولكن اليد الواحدة ستجلب الثانية والثالثة الخ.. وبإذن الله سنصل لمرادنا.
تعلمت أن أمورا بسيطة لن تؤثر على نمط حياتنا فوجود سلة مهملات تفصل بين الطعام والمواد البلاستيكية في المنزل والعمل ستساعد المصانع كثيرا في الاستفادة من إعادة تدويرها وتوفير استخدام مواد جديدة حتما صناعتها ستضر بالبيئة. ومن هناك حينما يرى ذلك الابن أو الابنة سيسلكون نفس النهج.