تعتبر توقعات صندوق النقد الدولي قبل أسبوعين إرهاصا بما ينتظر الاقتصاد العالمي، لم يخص بها أية دولة، وإن كان من السهل على أي دولة رؤية ملامحها داخل تصاريح السيد ليبتون، نائب رئيس الصندوق، الذي اختار هذه المرة مخاطبة قادة الدول محذرا من انهيار اقتصادي عالمي بسبب السياسات الاقتصادية الخاطئة، وأن عليهم، بعد أن استنفدوا خيارات الدعم وفقدوا القدرة على إدارة اقتصادات بلدانهم، تقديم الحوافز والإسراع بتطبيق الإصلاحات الهيكلية لرفع معاناة الشعوب ومكافحة الفقر، مؤكدا على أهمية الإنفاق الحكومي وخفض الضرائب والرسوم.
كيف يمكن تقديم حوافز وزيادة الإنفاق وخفض الرسوم في ظل أوضاع الاقتصاد العالمي الراهنة وتفاقم انكماش التجارة العالمية وتمدد شبح الركود؟ جميعنا يذكر الركود العالمي ثلاثينات القرن الماضي وكيف تم الخروج منه، منذ ذلك الحين سيطرت فكرة اللورد كينز «الإنفاق الحكومي» كمحرك للاقتصاد، ومنذ ذلك الحين تنوعت معزوفات الاقتصاديين على نوتة أو روشتة كينز والنيوكينزين بزيادة الإنفاق الحكومي.
يحدث ذلك في اقتصادات متقدمة منظمة ويؤتي أكله في معظم الحالات وإن ببطء، غير أنه مشكوك بجدواه في اقتصادات أقل تقدما وتنظيما، ذلك أن مفهوم الإنفاق فيها يذهب لمصلحة القطاع الخاص في شكل حوافز ومزايا ومشاريع دون مقابل يذكر، وإن بتشغيل أيد وطنية لتوليد دخل وتخليق قوة شراء تحركان الطلب وتدير عجلة الاقتصاد ككل.
حجة القطاع الخاص بتدني مستويات تأهيل شبابنا صحيحة، إلا أن ما يصرف على برامج إعادة التأهيل والتدريب هدر مالي برأيي المتواضع، ما نحتاج هو التدريب والتأهيل على رأس العمل.
المصنع أو الشركة لا تستقبل عمالة أمية بل مؤهلة مبدئيا، تحتاج فترة تدريب على رأس العمل، مهندسا كان أو إداريا وما بينهما. هنا نحتاج عقود تدريب تنتهي بالتوظيف، نحتاج لجانا أكثر صرامة في إحلال المواطن محل المتعاقد، المأساة وجود المشكلة حتى في القطاع العام.
نعم نحتاج برامج حوافز ومزايا للقطاع الخاص، حسب توصية الصندوق، شرط تضمنها عوائد للقطاع العام عملا بمبدأ Business is Business.
أما تطبيق الإصلاحات الهيكلية للاقتصاد وإعادة جدولة الأولويات فيعتبران حجري الرحى لحماية اقتصادنا الوطني أمام التهديدات الجدية القادمة، أو كما سماها مستر ليبتون الانهيارات القادمة، السوق أحوج للأموال من بقائها في البنوك أو في شكل سندات، كلاهما يفقد قيمته مع الوقت، وكلاهما يعجل حركة الاقتصاد باستخدامه، نحتاج مراجعة قيم الاحتياط العام باستثمار جزء منه في البشر وجزء نغير سنداته للأكثر عائدا، وجزء للأسرع سيولة.
نقلا عن عكاظ