معدل التضخم يواصل تراجعه إلى أقل من 1% في مايو

21/06/2015 0
بشير يوسف الكحلوت

مضى خمسة شهور على التعديل الذي طرأ على مكونات الرقم القياسي لأسعار المستهلك والذي تم بموجبه تعديل سنة الأساس إلى 2013 بدلاً من 2007، مع تغيير نسب الأوزان الترجيحية للمجموعات الفرعية وزيادة عدد هذ المجموعات.

وكان أهم التعديلات التي طرأت على الاوزان هي في خفض وزن مجموعة الإيجار والوقود والطاقة إلى 21,89 بدلاً من 32,5، مع تغيير مسماها إلى السكن والماء والكهرباء والغاز, وقد عمق هذا التعديل من حالة التراجع التي يسجلها معدل التضخم شهراً تلو آخر حتى وصل في أرقام شهر مايو إلى اقل من 1% وتحديداً إلى 0,87%، مقارنة بنسبة 2,6% لكل عام 2014 في المتوسط, وبذلك تكون التطورات في معدل التضخم المحلي منسجمة مع اتجاهات التضخم على المستوى العالمي، حيث تعاني أوروبا منذ سنوات من معدل منخفض جداً يقل عن نصف بالمائة، ويقل في الولايات المتحدة منذ سنوات عن المستوى المستهدف وهو 2%، ويقبع دون 1,5%، واقتراب المعدل من الصفر في اليابان.

ومن بين العوامل التي ساعدت على تراجع معدل التضخم المحلي في قطر –بخلاف العامل المشار إليه أعلاه- وهو تغيير الأوزان، بما كبح تأثير العامل الجوهري الأساسي في رفع المعدل في السنوات القليلة الماضية، وهو ارتفاع مؤشر مجموعة الإيجار، مع ارتفاع وزنه الترجيحي إلى 32,5%، أقول: بالإضافة إلى هذا العامل المهم، نجد مجموعة من العوامل التي عززت من حالة التراجع في معدل التضخم وهي: 

1-أن الزيادة في مؤشر السكن والماء والكهرباء والغاز قد تباطأت عن ذي قبل بحيث وصلت إلى 2,27% في شهر مايو.

وقد كان للزيادة المضطردة في عدد السكان تأثير مهم في الإبقاء على الزيادة في مؤشر هذه المجموعة، وخاصة مع وصول عدد السكان إلى 2,37 مليون نسمة.

ومن المنتظر أن يتباطأ هذا المؤشر أكثر في الشهور القادمة على ضوء التغيرات التي أحدثها انخفاض أسعار النفط، من قبيل ترشيد الإنفاق، ومراجعة ما يتم تقديمه من خدمات لدى بعض الإدارات والمؤسسات.

2-أن أسعار الواردات لا تزال في حال انخفاض عن السنة السابقة نتيجة الارتفاع المهم الذي طرأ على سعر صرف الريال القطري، بعد ارتفاع سعر صرف الدولار مقابل  الين الياباني و اليورو، والعملات الرئيسية الأخرى.

ونجد بهذا الخصوص أن مؤشر مجموعة السلع والخدمات قد سجل تراجعاً في مايو بنسبة 0,41%، كما سجلت مجموعة التسليه والترفيه تراجعاً بنسبة 6,51%، وتراجعت أسعار الملابس والأحذية بنسبة 0,17%، وارتفعت مجموعة الأثاث والأجهزة بنسبة 0,6% فقط ، وكل ذلك مقارنة بالمستويات المناظرة لمايو 2014.

3- أن انخفاض أسعار النفظ المستورد لأوروبا واليابان ودول أخرى قد تعمق بانخفاض أسعار عملاتها مقابل الدولار، فانخفضت أسعار الواردات من منتجاتها إلى قطر بشكل ملحوظ، وتعزز ذلك بالانخفاض الذي طرأ على أسعار المحاصيل الغذائية عالمياً.

الجدير بالذكر أن مجموعة الغذا والمشروبات قد ارتفعت في مايو بنسبة 0,6% فقط، وارتفع مؤشر مجموعة المطاعم والفنادق  بنسبة 0,74%، عن مايو 2014.

4-أن المجموعات التي ارتفعت مؤشراتها الفرعية بشكل ملحوظ في مايو الماضي قد اقتصرت على مجموعة التعليم بنسبة زيادة 11,14%، ومجموعة التبغ بنسبة 8,59%, وفي حين أن تأثير مجموعة التبغ يكاد لا يُذكر بسبب وزنها المنخفض جداً في الرقم القياس العام (0,27%)، فإن تأثير ارتفاع مؤشر التعليم، يكون هو المؤثر الوحيد نسبياُ –بعد مؤشر السكن- نظراً لارتفاع قيمة الزيادة في مؤشره وهي 11,14% مع كون وزنه 5,75%.

والحقيقة أن رسوم التعليم والدراسة أصبحت مكلفة بشكل غير طبيعي، ونجد مثالاً لذلك تكلفة رسوم الدراسة لطالب الإبتدائي التي تزيد عن 7 آلاف ريال وتصل إلى 40 ألف ريال في بعض المدارس الخاصة.

5- أن المنافسة بين فودافون وأوريدو قد ساعدت على ضبط الزيادة في أسعار مؤشر خدمات الاتصالات إلى 0,27% فقط عن مايو 2014.

ومن خلاصة ما تقدم نجد أن مؤشر التضخم مرشح لمزيد من الإنخفاض في الشهور القادمة نتيجة استمرار تأثير نفس العوامل المشار إليها أعلاه، ويضاف إليها في شهري يونيو ويوليو انخفاض إضافي في أسعار المواد الغذائية بتأثير القرارات الصادرة عن وزارة الاقتصاد والتجارة لخفض أسعار 400 سلعة في شهر رمضان المبارك.

ومع أن انخفاض معدل التضخم يكون في العادة أمر مرغوب فيه، ومرحب به من جانب المستهلكينـ إلا أن انخفاضه المزمن دون مستوى 2% سنوياً يكون علامة غير صحية، ويعكس حالة من التباطؤ في النمو الاقتصادي.

وتشير توقعات تقرير الآفاق الاقتصادية الذي صدر هذا الشهر عن وزارة التخطيط التنموي والإحصاء إلى أن معدل نمو الناتج المحلي الإسمي سيسجل انخفاضاً بنسبة 10,2% هذا العام، ويرتفع بنسبة 4,3% في عام 2016، في حين سينمو الناتج بالأسعار الحقيقية  بنسبة 7,3%، وينخفض المعدل إلى 6,6% في عام 2016.

وكلمة أخيرة تُضاف للموضوع وهي أن تراجع معدل التضخم في قطر في الأسابيع الأخيرة  يفسر جزئياً حال الضعف الذي باتت عليه بورصة قطر في الأسابيع الأخيرة.