مفهوم الاستقلالية في حوكمة الشركات

16/03/2015 1
عبدالله عبدالعزيز المحمود

تركز الحوكمة الحديثة للشركات على مبدأ الاستقلالية، ويقصد بها، استقلالية عضو مجلس إدارة الشركة، بأن لا تربطه بالشركة، أو مدرائها، علاقة تحول دون أداء عمله بالشكل المطلوب. فالاستقلالية يُنظر لها، على أنها ضمانة للتأكد من قدرة الأعضاء المستقلين على القيام، بدور الرقابة والمتابعة للإدارة التنفيذية، بما يحقق مصالح المساهمين. هذه العلاقات التي تخل بالاستقلالية قد تجعل عضو مجلس الإدارة يجامل؛ فيتغضى عن الإخطاء، أو يخشى من الإعفاء من المنصب؛ فلا يعارض ولا يناقش بشكل فعّال. كما أن مشاركته في اتخاذ القرارات اليومية؛ تمنع استقلاليته وحياديته؛ لأنه سيكون جزءا من الإدارة التنفيذية. 

لذا جاء التركيز في الحوكمة الحديثة على مجلس الإدارة المراقب، والمتابع، والمساهم في رسم الخطط الاستراتيجية، والأهداف العامة، بدلا من مجلس الإدرة الذي يدير الشركة. الجدير بالذكر أن أعمال المجلس يمكن توزيعها إلى ثلاثة مجموعات رئيسة: الرقابة والإدارة والعلاقات. الرقابة، يقصد بها متابعة أداء الإدارة التنفيذية، والتأكد من قيامها بالخطوات اللازمة، لتنفيذ الخطط الاستراتيجية، التي تم الاتفاق عليها في المجلس، والإدارة، تشمل مناقشة أعمال المجلس، ودراسة الخطط الاستراتيجة، والأعمال التي تقدمها الإدارة التنفيذية للمجلس؛ للموافقة عليها، أما العلاقات، فتشمل أن يكون لعضو المجلس، علاقات شخصية ومهنية؛ تيسر عمل الشركة، وهذا لا يعني ارتكاب المخالفات.

الحوكمة الحديثة تركز على المجلس المراقب بشكل رئيسي، لذا جاءت أهمية اختيار أعضاء مستقلين للمجلس؛ ليقوموا بدور اللجان، كلجان المراجعة والمكافآت والترشيحات. ولكي يكون المجلس قادرا على أداء هذا الدور الرقابي؛ لابد أن يتمتع بالاستقلالية؛ عن طريق تعيين أعضاء مستقلين، وهو ما اهتمت به لوائح الحوكمة في الأسواق المالية، ومنها لائحة الحوكمة في السوق السعودي، والتي أكدت في المادة الثانية عشرة، على وجوب كون ثلث أعضاء المجلس، وبما لا يقل عن عضوين، من الأعضاء المستقلين، كما حاولت اللائحة، وضع ارشادات، لتوضيح بعض الضوابط التي تُعِين في تحديد الحالات التي تحول دون استقلالية العضو.

لكن السؤال، هل هذه الضوابط كافية لضمان الاستقلالية؟ إن كثيرا من أعضاء المجلس، يتم اختيارهم بناء على علاقات شخصية ومهنية، لذا فإن الاستقلالية قد تكون ضعيفة أو معدومة في مثل هذه الحالات.

كما أن الخبرة العملية في الشركة، قد تتعارض مع الاستقلالية، فمثلا المدير أو الموظف المتقاعد، الذي عمل سنتين على الأقل في الشركة، لا يعتبر مستقلا، مما يبرز لنا أسئلة أخرى، وهي، هل استقلالية العضو ستجعل منه مراقبا ومتابعا فعالا؟ وهل التركيز على الاستقلالية مبرر؟ وهل الاستقلالية ستحسن من أداء الشركات وتضمن حقوق المساهمين؟

لا شك أن الاستقلالية أمر مهم، لكن لكي تؤتي الاستقلالية ثمارها؛ لا بد من وجود آليات لدعم وتفعيل الدور المنوط بالعضو المستقل، وهوأمر ستتم معالجته في مقال لاحق بعون الله تعالى.