البنوك ورواد الأعمال

02/01/2014 1
صلاح الحمود

على الرغم من أن البنوك الاسلامية قدمت نماذج ناجحة للعمل في القطاع المصرفي الإسلامي إلا أنها لم تُثبت وجودها بعد في قطاع تمويل المشاريع الصغيرة.

 فعلى سبيل المثال نجد أن البنوك الإسلامية تقوم بتمويل كثير من المشروعات الكبيرة عن طريق المشاركة المنتهية بالتمليك أو عن طريق المضاربة أو بيع المرابحة.

 لذا يجب على البنوك الإسلامية دعم التمويل للمشاريع الصغيرة لتشمل أصحاب المهن الحرة والحرف وصغار التجار وحديثي التخرج في الجامعات وبذلك تساعدهم جميعا على تنمية طاقاتهم وتذليل الصعوبات والمعوقات المالية أمامهم وتوفير حياة كريمة لهم وتحويلهم إلى أفراد منتجين يمتلكون مشروعات منتجة ويساهمون في العملية التنموية ويرتقون بمستوى معيشتهم واقتصاد بلادهم.

وتفيد الدراسات أن الكثير من رواد الأعمال يمكن أن يستفيدوا مباشرة من الحصول على التمويل للمشاريع الصغيرة باعتباره إحدى الوسائل التي تمكنهم من التغلب على الفقر والبطالة ، وهو ما يجب على البنوك القيام به وتطويره ودعمه بالمنتجات التى تتلاءم مع احتياجات عملاء القروض والمشاريع الصغيرة، حيث أن هذه القروض ليست مجرد مبالغ متواضعة تستعمل لتمويل مشاريع صغيرة، بل هي دعم لأفكار كبيرة ووسيلة للخروج من دائرتي الفقر والبطالة كما يحصل في كلٍ من اندونيسيا وبنجلاديش، حيث أنشأتا أسواقا لتنظيم التمويل الصغير، ففي بنغلاديش على سبيل المثال يعتبر بنك جرامين تجربة رائدة في مجال الإقراض متناهي الصغر، وقد حصل بذلك مؤسسه محمد يونس على جائزة نوبل في 2006م، حيث إن التمويل للمشاريع الصغيرة بدأ ينمو في جميع أنحاء العالم وخاصة العالم الإسلامي لأهميته ودوره الكبير في التقليل من نسب الفقر والبطالة وتحقيق التنمية المستدامة وتحسين المستوى المعيشي للفقراء.

كانت التجارة في السابق في العصور الإسلامية تلعب دورا مكملا لانتشار الإسلام، لذا فإن الإسلام يتطلع نحو الاستثمار والنماء للمجتمع، وأنه من الضروري تطوير منتجات إسلامية متوافقة مع أحكام الشريعة وتلبي احتياجات عملاء القروض والمشروعات الصغيرة وتمكنهم من خلق فرص عمل لهم وتحسين مستوى معيشتهم، والحد من الفقر والبطالة، خاصة للشباب ومساعدتهم على الاعتماد الذات من خلال الأنشطة المصرفية، وتقديم القروض والتسهيلات والخدمات المالية للطبقة الفقيرة في المجتمع بغرض إنشاء مشروعات صغيرة تدر عليهم دخلا لإعالة أنفسهم وأسرهم.

إن البنوك الإسلامية أمامها كثير من التحديات نظرا لأنها لا تزال عبارة عن صناعة حديثة يتعين عليها الكثير من العمل من أجل ترسيخ مصداقيتها، حيث أن هذه الصناعة لم تركز في السابق على تخفيف الفقر فقط بسبب أنها تحتاج إلى استيفاء كل من المعايير المصرفية الدولية ومتطلبات الشريعة الإسلامية حتى تتمكن من خدمة عملائها، ولعل السنوات الماضية شهدت تضاعفا في حجم عمل البنوك الإسلامية، بما يسمح لها بلعب دور أساسي في تمويل المشروعات الصغيرة في الدول العربية والإسلامية، حيث تبرز أهمية التمويل الإسلامي ودوره وحضوره كي تسهم في التصدي لمشكلتي الفقر والبطالة، الأمر يتطلب البحث في مختلف صيغ التمويل الإسلامي وكيفية تطبيقها على الراغبين في تأسيس مشاريع صغيرة مختلفة، خصوصا أن أساليب التمويل الإسلامية تضمن العدالة بين طرفي المعاملة يحصل كل طرف على حقه، حيث أن هناك توجهات لإنشاء بنوك للفقر ومشاريع التمويل، خاصة أن هذه المشاريع باتت تمثل إحدى أهم آليات التنمية الاجتماعية الاقتصادية.

ويعتبر البنك الوطني في الأردن وبنك الأسرة في البحرين من أوائل البنوك الإسلامية المختصة في التمويل للمشاريع الصغيرة، وهما يتعاملان مع محدودي الدخل والأسر المحتاجة ويسهمان في تطوير الخدمات التمويلية متناهية الصغر وتطوير النموذج الإسلامي في هذه الصناعة.

لذا ينبغي على المصارف الإسلامية إعادة النظر في نظام التمويل الصغير ومناقشة كيفية تمويله، حيث أن التمويل الصغير يتطلب اتباع برامج الإقراض الجماعي القائم على خفض تكاليف المعاملات وخفض التعرض للمخاطر المالية ودراسة كيفية تقديم القروض للفقراء في المناطق الريفية من أجل التخفيف من حدة الفقر في أنحاء العالم الإسلامي والسعي إلى توفير الائتمان للمشاريع الصغيرة والمتوسطة مع تصميم المنتجات المالية المناسبة للفقراء وزيادة دخلهم وتحسين أوضاعهم الاجتماعية عن طريق مبادرة تمويل المشاريع الصغيرة.

ان تطوير المشاريع القائمة وتنشيط هذه الصناعة لتكون جزءا لا يتجزأ من القطاعات المالية القائمة، وكإحدى دعائم الاقتصاد الإسلامي، وتحقيق انتشار واسع من خلال بناء شبكة من الفروع تصل إلى كافة المناطق وخاصة المناطق الريفية غير المخدومة، وبناء علاقات شراكة مع برامج ومؤسسات خيرية والسعي للوصول إلى تحقيق الاستدامة المالية، والتركيز على جدوى المشروع ونشر الثقافة والتوعية بأهمية المشاريع الصغيرة يساعد على الوصول إلى أكبر عدد ممكن من الفئات المستهدفة، والله الموفق.