ما هي جودة استثمارات التقاعد والتأمينات؟

13/04/2013 11
د. حمزة السالم

لو لم تُستثمر صناديق التقاعد والتأمينات الأموال المقتطعة من رواتب الموظفين لعجزت هذه الصناديق عن القيام بتغطية مستحقات المتقاعدين. ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو: ما هو مقدار جودة هذه الصناديق في استثمار أموال التقاعد؟ 

ولكي نجيب عن السؤال فسنستخدم تصوراً مثالياً يميل لصالح هذه الصناديق لنعوض عن بعض الحالات الشاذة عن العموم الغالب -كالموت في العمل ومن يتزوج صغيرة في شيبته ونحو ذلك- والتي تكلف هذه الصناديق كلفة عالية بالنسبة لمتوسط العموم. فالتصور هنا، أن المتقاعدين يعيشون إلى عمر ثمانين عاماً (لنغطي الذرية). وأنهم يحصلون على علاوة سنوية مقدارها 3%.

وبما أن حساباتنا كلها تعتمد على النسب المئوية، فاختلاف الرواتب لا يؤثر في غرضنا اليوم، فأي عينة تفي بالغرض. فمن ابتدأ راتبه بخمسة آلاف فإنه يتقاعد بعد أربعين عاماً وقد بلغ راتبه 15,853 ريال، وهو الذي يصرف له ثابتاً دون تغير إلى أن يموت وينقطع حق ذريته المتعلق به.

وسيكون 11,782 بعد ثلاثين عاماً، أو 8,767 بعد عشرين عاماً بتقاعد مبكر. وهذه التقسيمات الزمنية الثلاثة تغطي معظم الحالات وتعطي صورة قريبة جداً من الصحة للحكم على جودة إدارة هذه الصناديق لأموال المتقاعدين. 

وبحساب يعتبر الاستثمار الفوري على أساس سنوي لقيمة الـ 18 % المقتطعة من الراتب وجهة العمل. ثم يعتبر كذلك استثمار مجموع المبلغ المُستثمر خلال صرفه على دفعات شهرية طيلة مدة استحقاق التقاعد بما يعادل آخر قيمة راتب قبل التقاعد: 

فإننا سنجد أن أعلى فئات المتقاعدين كلفة هم من يتقاعد مبكراً وهو في بداية الأربعين. وهؤلاء نسبتهم من مجموع المتقاعدين حوالي 11 % كما جاء في تصريح لمسئول من مصلحة التقاعد. وقد جعلت في هذا التصور، أن هذه الفئة ستشيب إلى الثمانين حتى تتحصل رواتب أربعين عاماً.

وعلى هذا، فهؤلاء يحتاجون إلى استثمار الأموال المقتطعة منهم قبل وأثناء صرفها عليهم باستثمار يكون عائده السنوي 10.7 % لكي يغطي نفقتهم. (على عينة 5000 كبداية الراتب وبعلاوة 3 % سنوياً فإن مجموع المبالغ المتقطعة الاسمي هو 290,200.

وستصبح قيمتها مع الاستثمار الفوري على 10.7 % هو 960,199. . والذي سيصرف منه للمتقاعد المبكر -مع استثماره على 10.7 % - خلال أربعين عاماً بواقع 8747 ريال شهرياً ما مجموعه 4,208,414). 

وأما الفئة الثانية وهي الغالبة -حسب تصريح المسئول- وهم من يتقاعد وقد حسب له 30 عاماً، وقد تصورت أن هؤلاء سيتحصلون على رواتب التقاعد لثلاثين عاماً حتى يصل عمره الثمانين.

فعلى هذا ستحتاج صناديق التقاعد إلى استثمار أموالهم المقتطعة منهم- قبل الصرف وخلاله- بعائد يقارب 7 % لتغطية مستحقاتهم التقاعدية. (على عينة 5000 كبداية الراتب وبعلاوة 3 % سنوياً فإن مجموع المبالغ المتقطعة الاسمي هو 513,814. . وستصبح قيمتها مع الاستثمار الفوري على 7 % هو 1,776,535 والذي سيصرف منه للمتقاعد- مع استثماره على 7 % - خلال ثلاثين عاماً بواقع 11782 شهرياً ما مجموعه 4,241,817). 

والفئة الثالثة، وهي الفئة المثالية من يتقاعد وقد خدم أربعين عاماً فيستحق راتبه كاملاً لعشرين عاماً إذا أمد الله في عمره إلى الثمانين وزيادة. وهذه الفئة يكفيها 4.5% عائداً سنوياً على استثمار ما اقتطع منها وخلال صرفها لكي تغطي مستحقاتها التقاعدية.(على عينة 5000 كبداية الراتب وبعلاوة 3 % سنوياً فإن مجموع المبالغ المتقطعة الاسمي هو 814,333 وستصبح قيمتها مع الاستثمار الفوري على 4.5 % هو 2,454,370 والذي سيصرف منه للمتقاعد - مع استثماره على 4.5 %- خلال عشرين عاماً بواقع 15835 شهريا ما مجموعه 3,800,432). 

هذا يصل بنا إلى أن محفظة استثمارية طويلة الأجل (وطول الأجل في محافظ التقاعد يلغي أثر التقلبات الاقتصادية) مُقسمة المخاطر على نسبة الفئات الثلاثة بعوائد سنوية تتراوح من 4.5% إلى 11% كطرفين و7% كوسط غالب هي محفظة استثمارية كافية لتغطية كلفة رواتب المتقاعدين، على افتراض امتداد أعمارهم بذاتهم أو بورثتهم المستحقين إلى الثمانين عاماً (لتعويض تقريبي للحالات النادرة المكلفة). 

فإن كان هذا هو الموقف الاستثماري لصناديق التقاعد والتأمينات، فهو يعتبر موقفاً مقبولاً وجيداً. فلم السرية في المعلومات. فقد بحثت سريعاً عن معلومات إحصائية عن قيم التقاعد واستثماراتها وعوائدها فلم أجدها في مظانها.

وهل الاستثمارات الداخلية المحلية لهذه الصناديق المتزايدة مؤخراً هو من أجل ضعف العوائد من الاستثمارات العالمية الأمنة نسبياً -والتي تتماشى مع الطبيعة التحفظية لصناديق التقاعد- أم أن أنه تغير في الإستراتيجية الاستثمارية لهذه الصناديق؟ أم أنها البديل عن العوائد التي كانت تأتي من الدين الحكومي العام سابقاً؟ 

للمواطن حق في معرفة هذه المعلومات. فأموال التقاعد والتأمينات ليست ضرائب محضة كما هي الحال في بعض الدول كأمريكا.

بل هي استثمار تقاعدي إجباري مفروض عليه وعلى رب العمل بالتساوي، لمصلحة المواطن وهو من مصلحة المجتمع كله.

فالمشاركة بالمعلومات تقطع الأقاويل من جهة كما أنها تفتح باب الآراء الخارجية عن الصناديق. فقد تتحقق بهذه الآراء عوائد أكبر فتتمكن هذه الصناديق من إضافة علاوات مقطوعة أو دائمة على مستحقات المتقاعدين من أونه إلى أخرى. 

نقلا عن جريدة الجزيرة