قصة سكة الحديد

30/07/2012 8
سليمان المنديل

لقد تردّدت في الكتابة حول سكة الحديد، وما مرّت به من حوادث، لأنّ الكثيرين قد كتبوا عن ذلك، ولكن هناك جوانب من تاريخ السكة الحديد غير متداول، وربما أنّ بعض ذلك التاريخ قد ساهم لاحقاً فيما حدث.

تأسيس سكة الحديد كان جزءاً من مشاريع التزمت شركة أرامكو الأمريكية بتنفيذها، كجزء من التزاماتها تجاه الحكومة السعودية، مقابل امتياز البترول، وهنا لابد أن أتوقف، وأتمنى لو بقيت إدارة المؤسسة جزءاً من أرامكو، بدلاً من تحويلها إلى قطاع الخدمة المدنية الحكومي!! ومع ذلك فقد عملت السكة (بخطها الوحيد) بدون حوادث تُذكر، وربما ساعد في ذلك تواضع حركة الركاب، والبضائع، بين المنطقة الشرقية، والرياض، لسنوات طويلة، حيث كان ميناء جدة هو الميناء التجاري الرئيسي.

لكن ما لا يعرفه الكثيرون هو أنّ سكة الحديد قد اكتسبت، خلال عمرها، شعبيةً، واهتماماً، تجاوز مستوى خدمات الخط الحديدي ذاته، وكان ذلك نابعاً من خدمتين قدمتهما المؤسسة:-

1 – الخدمة الأولى، وهي أنه ولسنوات طويلة، لم يكن هناك دار ضيافة حكومية في المنطقة الشرقية، ولا فنادق تُذكر، وكانت مؤسسة سكة الحديد، تمتلك ضيافات، أصبحت ملجأ كل موظف حكومي ينتدب إلى المنطقة الشرقية، وبذلك اكتسب رئيس المؤسسة، والمؤسسة، اهتماماً خاصاً من أولئك المسؤولين، ومن الملاحظ أنّ ثلاثة رؤساء سابقين للسكة، قد انتهى بهم الأمر كوزراء، وهم أصحاب المعالي: الأستاذ عبد العزيز القريشي، والأستاذ خالد القصيبي، والدكتور غازي القصيبي - رحمه الله -.

2 – الجانب الآخر الذي أعطى مؤسسة سكة الحديد اهتمام المجتمع، وخصوصاً مجتمع التجار، هو أنه كان لدى مؤسسة السكة أراضٍ حول الخط، وخصوصاً عندما يصل الخط إلى نقطة وصوله، فتلك الأراضي كانت هامة لطبقة التجار، وأُجّـرت كمستودعات، بأسعار رمزية، ولمدد طويلة، وهو ما زاد من نفوذ مسؤولي تلك المؤسسة، وربما يقول قائل إنّ مسئولي المؤسسة في المراحل التالية للتأسيس، انشغلوا بالأمور الأخرى، عن الاهتمام بالمهمة الرئيسية لتشغيل خط القطار، بحيث إنه تخطاها الزمن تقنياً، وإدارياً.

المحصلة النهائية لكل ذلك هو أننا نخاطر اليوم بإيكال المزيد من المهام، والخطوط، إلى مؤسسة لم تتمكن من إدارة خط واحد!! ولن يكفي تغيير قيادتها فقط، وإنما لابد من إعادة هيكلتها جذرياً!! ووضعها على سكة التخصيص.