لا خـطـب، ولا قـصــائــد!!

21/01/2014 1
سليمان المنديل

قبل سنوات وافق البيت الأبيض على إستضافة أحد كبار المذيعين لقضاء يوم كامل مع الرئيس الأمريكي، وفيما يلي ملخص لأهم ما عرض:-

-الساعة 6 صباحاً، نزل الرئيس إلى المسبح لغرض الرياضة.

-ثم جاء مندوب الإستخبارات الأمريكية لإعطائه تقريراً عما حدث حول العالم خلال الليلة السابقة.

-ثم جاء السكرتير الخاص ليخبره بمكونات برنامجه لذلك اليوم، والذي كان موزعاً بين لقاءات علاقات عامة، وإجتماعات عمل، أما العلاقات العامة، فهي مقابلة فريق رياضة ما، وإلتقاط صور معه، وكذلك لقاء بعض المنظمات، والجمعيات الخيرية المختلفة.

-بعد الغداء كان على الرئيس السفر إلى ولاية أخرى، لدعم مرشح خلال عملية إنتخابية، وإلقاء خطاب حول بعض القضايا المحلية.

-ثم عاد الرئيس إلى البيت الأبيض، وبــدّل ملابسه، وذهب إلى حفلة عشاء، كان عليه أن يلقي خطاباً خلالها.

-الساعة 9 مساءً، عاد الرئيس منهكاً من يومه الطويل، وذهب إلى جناح العائلة، وتوقف التسجيل عند ذلك الحد.

هذا ملخص ليوم في حياة الرئيس الأمريكي، وليس منبع هذا الإستعراض هو الإعجاب بالضرورة، وقد يكون برنامج المستشارة الألمانية، أو رئيس الوزراء البريطاني، أو رئيس الوزراء الهندي، أكثر إثارة للإعجاب، لا أدري!! ولكن المهم في الموضوع، هو إستخلاص معلومتين هامتين، مما عرض على المشاهد:-

الأولى: أنه ليس عيباً، ولا ينقص من قدر المسؤول، أن يكون برنامجه مخططاً له بكل دقة من قبل آخرين، مختصين، وأن عليه أن يتبع الخطة كما وضعت، لأنها نتاج دراسة معـمّـقة، هدفها الأساسي توثيق العلاقة بين الرئيس والمرؤوسين.

الثانية: هي أن المسؤول متوقع منه في كل لقاء عام، أن يختار موضوعاً ذا أهمية للحضور، أو أنه يمثل أهم أحداث الساعة، وأن يتحدث عنه لإطلاع الآخرين على ما يفكر فيه، وما يدور في خاطره من خطط لتحسين الأوضاع.

تذكرت ذلك، وأنا أعيش في العالم الثالث، وعلى مر السنين كانت السمة الغالبة، أن تتكون كل مناسبة يحضرها مسؤول، من عدد كبير من المشاركات العامة، من خطب، وقصائد... إلخ، وتنتهي المناسبة، ولم يستفد المشاهد شيئاً، نتيجة متابعته لبرنامج الحفل، وهو مكرر، وممل بخطبه، وقصائده، وما يحتويه لا يجيب على تساؤلات ذلك المواطن، عن خطط وتفكير ذلك المسؤول!! ومن جانبه تقـبّــل المسؤول ذلك الروتين، واكتفى من ذلك الحفـل بقصائده، وخطبه.

اليوم الفضائيات أولاً، والشبكة العنكبوتية، ووسائل التواصل الإجتماعي، كلها فرضت واقعاً مختلفاً عما كان سائداً في الماضي، وهو واقع أكثر إنفتاحاً اليوم، وسيزيد إنفتاحاً، والجيل الجديد لن يستمع إلى القصائد، والخطب، وسينتقل سريعاً، إلى وسائل، وبرامج أخرى، أكثر جذباً، وإقناعاً.