هل هي المرة الخامسة؟؟

20/03/2012 26
د. أحمد المزروعي

من الواضح أن السيولة بدأت بالتدفق على السوق السعودي بشكل خاص منذ بداية عام 2012 ويمكن ملاحظة ذلك من زيادة وتيرة التداولات التي كانت بالكاد تصل الى 4 أو 5 مليار ريال قبيل عدة أشهر ، بينما نرى في الأسابيع الماضية مستويات تفوق 10 مليار ريال بشكل يومي بل وتجاوزت 20 مليار ريال يوم أمس.

كما ذكرت في المقال السابق فإنه عندما تدخل السيولة بقوة كما نشاهد حاليا فإن مؤشر السيولة يصبح الأهم حيث يغطي على الاساسيات حيث أن هذه السيولة تطارد الأسهم بدون تفرقة مما يجعل الأسهم تصعد ككتلة واحدة مع تبادل الأدوار بين الاسهم في فترات غير متباعدة.

لم تكن هذه هي المرة الأولى في تاريخ السوق السعودي التي نشهد فيها تسارع أحجام التداولات في فترات قصيرة جدا ... وفي العادة ترتبط هذه الموجات بمزاج المتعاملين الذين يستهويهم السوق فجأة ولأسباب تكون في غالبها خارجة عن نطاق السوق..

في الحالات السابقة والتي يمكن رصدها بأربع مرات على الأقل كانت الدوافع مختلفة كما كانت النهايات مختلفة ومدة تدفق السيولة مختلفة ايضا كما يوضح الجدول التالي:

هل نحن على أعتاب تكرار السيناريو للمرة الخامسة؟؟؟ ... يجب أن نتذكر أولا أن لاشئ يمكنه ايقاف حركة الدفع الضخمة التي يسببها تدفق السيولة للأسواق المالية واعتناق الجماهير لفكرة استثمارية معينة ، خصوصا اذا كانت هذه السيولة تطارد أسهما في سوق يسيطر عليه الأفراد وكما قدرنا في المقال السابق لاتزيد قيمة الأسهم الحرة فيه عن 150 – 160 مليار ريال..

ان التسارع في أحجام التداولات الذي حصل في الشهرين الماضيين يذكرنا بالتأكيد بماحصل في عام 1991 و 1997 و 2003 و 2005 فحجم التسارع يمثل صورة كربونية لايمكن تجاهلها.. الشئ الوحيد الذي يجعلنا نتوقف ونحجم عن التوقع بتكرار التجارب السابقة بجميع مبالغاتها وتداعياتها هو أن تسارع احجام التداول في عام 2012 لم يرافقه وجود ظاهرة جديدة من شأنها دفع زخم التداول إلى أبعد قدر ممكن...

ففي عام 1991 اي في بداية طفرة "تجار الرياض" كان لظاهرة انتشار شاشات التداول لأول مرة أثر كبير في زيادة احجام التداول وذلك بأن أصبح شراء الاسهم يتم عبر تعبئة ورقة صغيرة فيما يشاهد المتعامل كل مايجري أولا بأول عبر شاشة أمامه ويتم نقل ملكية الأسهم له في نفس اليوم ... وذلك بعد أن كانت عمليات البيع والشراء تتم عن طريق المكاتب ويستغرق نقل الملكية عدة ايام...

وفي طفرة 1997 الـ "غير مكتملة" كان لانتشار شاشات التداول في مناطق رئيسية كجدة والشرقية دور كبير في زيادة احجام التداول ايضا اذا لم تخني الذاكرة فأنه أصبح بامكان المتعامل أن يجري عملية الشراء والبيع بالتلفون دون حاجة لملء أوراق...

أما المرحلة الأولى من الفقاعة الكبيرة (2003) فكانت مرتبطة باكتتاب الاتصالات وما أحدثه من سهولة فتح المحافظ وتضاعف عدد المتعاملين بعشرات المرات خلال فترة وجيزة ...

أما المرحلة الثانية من الفقاعة الكبيرة (منتصف 2005) فكانت مرتبطة بدخول التداول عبر الانترنت ولم يعد هناك حاجة للذهاب للصالات نظرا لأنه اصبح ممكنا الحصول على اسعار مباشرة عبر الانترنت وهو ما أدى الى امكانية دخول السوق لكل شخص يمتلك جهاز كمبيوتر ومبلغا صغير من المال وهو ماحدث بالفعل حيث وصل عدد المتعاملين النشطين الى عدة ملايين خلال هذه الفترة ... كذلك يجب الا ننسى الدور الذي لعبته الصناديق الحكومية عام 2005 بدعم السوق في كل وقت حرج يؤهل السوق للتصحيح ففي اليوم التالي لأي عملية أرهابية كان السوق يصعد بدعم من هذه الصناديق وكذلك كان الأمر بعد اي حدث سياسي يمكن ان يؤثر على السوق (وفاة الملك فهد رحمه الله مثلا من بين احداث أخرى).....

في المقال القادم سأتعرض لجانب آخر من الجوانب التي يجب مراقبتها في فترات السيولة الكبيرة