ملاحظات حول الميزانية

06/02/2012 8
سليمان المنديل

تأخرت في الكتابة عن هذا الموضوع، لأنني أملت في قراءة تحليل علمي اقتصادي، لتلك الأرقام المهولة، ولكن كل ما وجدته من تعليقات، هي لغة، يبدو أن الصحفي يعدها، ثم ينسبها إلى شخصيات مختلفة، والرسالة المشتركة من قبل الجميع من المصرحين، هي أنها ميزانية خير، وعطاء، دون تفصيل!! هنا سأبدي ملاحظات عامة، ولكنها ناقدة:-

- منذ بداية الطفرة البترولية الأولى عام 1973م، وحتى اليوم، مر اقتصادنا بأربع مراحل، يمكن تقسيمها إلى أربعة عقود من الزمن:-

- العقد الأول (1973 – 1983م) يمثل عقد الاستثمار، والبناء للبنية التحتية، وكذلك تطوير صناعة البتروكيماويات، وتأسيس صناديق التنمية المختلفة لتنشيط الاقتصاد، ولذلك يستحق ذلك العقد وصفه بـ»العقد الذهبي».

- العقد الثاني (1983 – 1993م) يمكن تسميته بـ «العقد الصعب»، لأنه شهد انخفاضاً في أسعار البترول، وزيادة الالتزامات المالية، وبدء مرحلة الإقتراض الحكومي، وصعّب المشكلة الحاجة لتمويل كل ما يتعلق بعملية تحرير الكويت.

-العقد الثالث (1993 – 2003م) يمكن أن يسمى «العقد الضائع»، لأن حجم الإقتراض فيه بلغ نسبة 92% من الناتج الوطني، وانخفضت أسعار البترول حتى وصلت (9) دولارات للبرميل، وسبب تسميته بالعقد الضائع هو بسبب توقف عملية الاستثمار في مشاريع البنية التحتية، أو الإنتاجية.

- العقد الرابع (2003م – حتى اليوم) يمكن تسميته عقد «محاولة الحل» والمقصود حل المشكلات المتراكمة من الفترات السابقة، ولكن ماذا نجد اليوم؟!

مؤخراً دخل علينا مصطلح «تعثر المشروعات»، وذلك بسبب فشل المقاولين، وضعف الأجهزة الهندسية الحكومية المشرفة، أي أننا اليوم نجد أن الاعتمادات المالية هي بملايين وبلايين الريالات، ومؤخراً دخل علينا مصطلح ترليون، ومع ذلك لا تستطيع كل تلك الأموال تحقيق طموحات القيادة التي أقرت تلك الميزانيات، وبالتأكيد أن ذلك الفشل في ترجمة الأموال إلى مشاريع، هي بسبب عدد كبير من العوامل، ولكنني سأتحدث هنا عن قطاع المقاولات، (قطاع الصناعة على سبيل المثال هو بخير)، وهنا نجد في قطاع المقاولات بأننا على مدى العقود الأربعة الماضية، قضينا على فرصة وجود قطاع مقاولات قوي، ونشط، أولاً عندما بدأت الحكومة بالتأخر في صرف مستحقات المقاولين في العقد الثاني والثالث، فذلك أدى إلى خروج الكثير من المقاولين، ثم تركيز الحكومة في العقد الرابع على ما لا يزيد عن أصابع اليد من المقاولين، على جلّ مشاريعها، بقيادة شركتي بن لادن، وسعودي أوجيه.

لكل ذلك يؤسفني أن أتوقع أن تلك الأرقام الخيالية للميزانية، ستواجه المشكلة نفسها من تعثر المشاريع، لأن النية صادقة في تنفيذ، وتمويل المشاريع، ولكن القدرات الفعلية ضعيفة، وكل ذلك سيؤدي إلى المزيد من التضخم في تكلفة المشاريع، وسيؤدي كل ذلك إلى استقدام المزيد من الشركات، والعاملين الأجانب، ولن يكون للعامل السعودي حظ منها في قطاع المقاولات.