لماذا يخشون تدويل مثل هذه القضايا؟!

12/09/2011 1
سعود الأحمد

نقل فرع وكالة «رويترز» بمدينة زيوريخ السويسرية خبرا بعنوان «أميركا تمهل بنوكا سويسرية يومين لكشف حسابات المتهربين من الضرائب».. وبالطبع أميركا حريصة على المطالبة بتفاصيل هذه الحسابات السرية، بحجة أنها لأشخاص كانت تتعقبهم، بتهمة التهرب من الضرائب. وهذا الخبر له علاقة بموضوع سبق لي الكتابة عنه في عدة مقالات، آخرها كان بعنوان «قضايا يجب أن تدول».

والنقطة التي أود التركيز عليها هنا، أن مشكلة الحسابات السرية في البنوك السويسرية ليست وليدة اليوم؛ فهذه الحسابات السرية موجودة بالبنوك السويسرية وبقية البنوك العالمية في أوروبا وأميركا، وغالبية أصحابها من الزعماء والرموز السياسية المعروفة ومن كبار رجال الأعمال والشخصيات المهمة. لكن الدول العظمى التي بيدها تنظيم هذه الأمور، ومنها أميركا (بالطبع)، لا ترغب في أن يصدر بشأنها قانون دولي. وإنما تريد أن تجعل من كل حالة فيها قضية خاصة تختارها بصورة انتقائية، لتطبق عليها القانون الذي يحقق مصالحها (الآنية). ربما لأنها تدرك أنه عندما يكون هناك قانون دولي يحكم هذه المعاملات المشبوهة، فإنها قد تجد نفسها في وضع حرج أمام المجتمع الاقتصادي والمالي الدولي، والملفات القديمة عندما تفتح تصعب إعادة قفلها. وهذا الأمر ربما يفتح ملف حسابات بنك الاعتماد الأميركي، وخفايا أسباب سجن رئيس دولة خليج بنما، دانيال نورييغا، المعروف باسم (الأناناسه) بتهمة ترويج المخدرات، والذي يقبع حاليا في سجن البحرية الأميركية بمدينة ميامي، والذي عندما طلب مهلة ساعة واحدة ليقدم شريط فيديو يفضح فيه شركاءه في العمل لم يُمنح ذلك. وكان رد الرئيس الأميركي جورج بوش الأب أن للسيد دانيال حق الحديث بعد إنهاء محكوميته (243 عاما)!! الشاهد أن من بين هذه الحسابات أرصدة متراكمة بمبالغ ضخمة جدا، تدور لسنوات طويلة (وربما لعقود) دون مطالب، ومن الطبيعي أن يكون لها أصحاب يمكن الاستدلال عليهم بسهولة. لكن هذه البنوك ليست لها مصلحة في البحث عن أصحاب هذه الحسابات، الذين ربما لقوا حتفهم أو أنهم في آخر حياتهم فقدوا الحق القانوني للمطالبة بحقوقهم بهذه الحسابات. وأضرب مثالا على ذلك، عندما قبض الثوار التشيك على رئيس تشيكوسلوفاكيا السابق (دانيال شاوسيسكو) وزوجته، وتمت محاكمتهما على رصيف وأعدما في الحال بالرصاص، عند ذلك لم يكن بإمكان أحد معرفة ماذا كان يملك وزوجته من أرصدة في البنوك العالمية.. والحالة تتكرر بالنسبة للأنظمة التي تسقط (وبالأخص العربية والأفريقية). والفكرة التي أؤكدها أن هذه الأرصدة هي في حقيقة الأمر كانت تمثل نزيفا لمقدرات شعوب، ربما يكونون الآن في حالة متردية من الفقر والشظف. ومن الطبيعي أن تكون هذه الأرصدة بمئات الملايين وربما بالمليارات! وبالعقل والمنطق لا يوجد أي مبرر لبقاء هذه الأموال في حوزة هذه البنوك العالمية (أوروبية كانت أو أميركية أو آسيوية)، فلماذا لا تعاد هذه الأموال لأصحابها، دولا كانوا أم أسرا؟! ولا شك أن خطورة عدم معالجة هذا الأمر أنه يمكن توظيف هذه الأموال لأمور خطيرة، كدعم الإرهاب وترويج المخدرات وغسيل الأموال والمضاربة في العملات المزيفة ونقلها.. إلى غير ذلك من الأعمال الإجرامية والممارسات المشبوهة الأخرى. لذلك أقترح أن تتم متابعة هذا الأمر على مستوى المنظمات الدولية.