ليست أفريقيا وحدها ...

22/12/2010 2
نجدي عثمان
فى يوم السبت الماضى كنت اشاهد فى مباراة كرة قدم بين ناديى انتر ميلان الايطالى ونادى تى بى مازيمبى الكنغولى التى انتهت لصالح النادى الايطالي بثلاثة اهداف مقالبل لا شئ للكنغولي.
وليس هذا مادفعنى لكتابة المقال انما ما دفعنى هو معلق المباراه الذى تحدث كثيرا عن التخلف الاقتصادى فى القاره السمراء فتخيلت انه مؤتمر لمناقشة الاوضاع الاقتصاديه المترديه فى ربوع القاره الافريقيه اجمع وليست كرة قدم . فالسيد المعلق ترك امر التعليق فى الكره واخذ يتكلم عن الاقتصاد الافريقى ، فتلتمس من كلماته الاعتراض فى كيفية التبارى بين نادى مثل تى بى مازيمبى الذى ياتى من القاره الافريقيه الفقيره وبين نادى انتر ميلان الذى ياتى من القاره العجوز اوروبا الغنيه. وفى اعتقاده ان الاقتصاد فقط هو الذى يصنف الدوله هل هى من دول العام الثالث ام انها من دول العالم الاول وليست هناك مقومات اخرى للتصنيف. فاذا كان التصنيف اقتصاديا فقط لكانت دول مثل جنوب افريقيا فى قمة التصنيف الاقتصادى وتعد من مصاف دول العالم الأول إقتصادياً. فاحببت ان اوضح فى هذا المقال بعض المقومات التى يعتمد عليها فى التصنيفات العالميه للدول حسب درجاتها فيمابينها ان كانت من العالم الاول او الثانى او الثالث. يأتى تصنيف الدول من حيث الجانب الاقتصادى والاجتماعى والسياسى والتعليمى والتاريخى ووو....الخ . وتعتبر كلمة العالم الثالث ذات بعد سياسي واقتصادي واجتماعي وثقافي و توصف به مجموعه من البلدان المتخلفه كما سمتها منظمة الامم المتحده فى بادئ الامر ، قبل ان تحول الى عبارة "البلدان السائره فى طريق النمو"او " البلدان الناميه". وتمثل هذه المجموعه اربعه اخماس العالم وهى منتشره فى افريقيا وامريكا اللاتينيه وآسيا فهى جميعها متشابهه فى التخلف باعتباره الوجه الآخر المميز لها عن غيرها (المتقدمه ) ومختلفه فى الخصا ئص من الناحيه الاقتصاديه والتمدن والنمو السكانى السريع فى بعضها. فمن الناحيه الاقتصاديه فهناك اكثر من مليار شخص يعيشون تحت عتبة الفقر المدقع ، والتى يحددها البنك العالمى باقل من واحد دولار فى اليوم وتعتبر هذه البلدان المتخلفه اقتصاديا انها تمثل نسبة 80% من سكان العالم، الا انها لا تحقق سوى 18% من الناتج الداخلى الخام العالمى ، فى حين تحقق البلدان المتقدمه اكثر من 72% منه. فمابين الخمسينيات الى الان تحول العالم الثالث من مصدَراً صرفا للغذاء وذلك من ناحية الزراعيه فقط الى مستورد له فاصبح الميزان الغذائى للعالم الثالث سلبيا ولم يقف عن التدهور الى الان وذلك راجع اساسا لاهمال القطاع الفلاحى من طرف الاستراتيجيات التنمويه لهذه الدول ، بحيث اهتمت بالقطاع الصناعى دون درايه تامه بها او وضع استراتيجيات موازنه بين القطاعين على حساب القطاع الزراعى مما ادى الى تخصيصا متزايدا من الموارد المتحرره من القطاعات الاخرى لتغطية العجز الغذائى او باللجوء الى القروض الدوليه بعد عدم نجاحها فى القطاع الصناعى ولجوء الفلاحين الى الصناعات رغم ضعفها وترك الاراضى والزراعه بفكر ان الزراعه مكلفه بالنسبه له فى الوقت والجهد انما العمل بالمصانع لا يكلفه شئ سوى بزل طاقه بدنيه تعقبها راحةً . وايضا تصدير المواد الاوليه فى حين عدم تحقيق الاكتفاء الذاتى فى المواد الاستهلاكيه وارتفاع المديونيه الخارجية. ومن ناحية المعيار الثانى لدول العالم الثالث الا وهو التمدن فان معدل التمدين يختلف كثيرا بين المناطق الناميه والمناطق المتقدمه ،فقبل ثلاثة عشر عاما من الان اى بالعام 1997 كان يمثل السكان الذين يعيشون فى المناطق الحضريه بالبلدان المتقدمه حوالى 77,8% بينما لم يصل هذا المعدل لبلدان العالم الثالث سوى 38,4%. ففى امريكا اللاتينيه التى تعتبر المصنفه من دول للعالم الثالث يقترب معدل التمدين فيها على ماهو عليه فى البلدان المتقدمه والذى يصل الى 74,2% فى آخر معدل اجرته الامم المتحده . اما بالنسبه لآسيا فيصل الى 36,0% و37,0% بالنسبه لافريقيا. فنتيجةً لهذا الكم الهائل من السكان فى الارياف فى دول العالم الثالث مقارنة بالدول المتقدمه نرى جليا التخلف من الناحيه الصناعيه والزراعيه والتجاريه والتعليميه فلا تستفيد منهم الدول كما تستفيد من المتمدن من الناحيه التجاريه مثلا فهو يشارك فى رفع الناتج المحلى الاجمالى ويسعى اى (المتمدن) الى زيادة دخله الفردى وذلك بادخال راس مال مثلا فى تجاره او صناعه فتستفيد منها الدوله عبر الضرائب والزكوات والجبايات المنتشره فى دول العالم الثالث فترفع بها الميزانيات ويرفع هو دخله الفردى فتسير بذلك عجلة التنميه الداخليه فتنعكس على الاداء الاقتصادى العام بعكس ذلك الريفى الذى لاتلتمس منه الفائده المرجوه من المواطن المتعلم المتحضر المفكر. ومن الناحيه الاجتماعيه يبان النمو الديمغافى الكبير بسبب ارتفاع نسبة الخصوبه فى حين تجد ان امد الحيا ضعيف بسبب قلة الامكانيات الطبيه وضعف المستوى المعيشى واميه مرتفعه. فهل تتجه حكومات الدول الناميه بهجره عكسيه الى الارياف لاشاعة التعليم وزيادة الوعى وفتح مصانع وخلق صناعات ولو صغيره ليستفيد منها المواطن الفقير وتستفيد منها الدوله بعائداتها ولو بالبسيط منها. فترفع منها ميزانها التجارى وتزيد منها دخل الفرد. هذه بعض المعايير للقياس وهناك ايضا الجانب الجغرافى والسياسى وعدة جوانب اخرى.