شهد العام الماضي تقلبات بينة في النمو الاقتصادي، مقارنة بالتوقعات قبيل أو بداية العام، وخاصة في الدول ذات الاقتصادات الكبرى. من مسببات التقلبات تأثير الاستثمار بالذكاء الاصطناعي وما يرتبط به. من الأسباب أيضا خفض معدلات الفائدة نسبيا، ولكنه خفض دون توقعات كثيرين. كان معدل الفائدة في أمريكا منخفضا قبل 2022، ثم رفع بسبب موجات التضخم عالميا ابتداء من أواسط 2022. وفي أواخر أكتوبر الماضي خفض الفيدرالي (البنك المركزي الأمريكي) المعدل، لكنه كان تخفيضا بسيطا، وكان متوقعا حصول خفض آخر في هذا الشهر لكن ذلك لم يحصل.
بيانات اقتصادات الدول عن الشهور الماضية من هذا العام بينت وجود تأثير محدود للرسوم الجمركية في تحرك ونمو الاقتصاد العالمي. وتدل البيانات الأولية على أن نمو الاقتصاد العالمي لهذا العام في حدود 3%. وهو نمو يزيد قليلا جدا عن التقديرات السابقة في بداية العام لصندوق النقد مثلا.
معدل النمو السابق يزيد على معدل النمو للاقتصاد الأمريكي، الذي تشير البيانات إلى تحقيقه نحو 2 % في 2025، تختلف التقديرات بين الجهات المقدرة، تبعا لنظرتها وما يحبط بنظرتها، وطبيعة منهجية الباحثين الاقتصاديين الواضعين للتقديرات. هناك من نظرته التشاؤمية تزيد على نظرة آخرين، وهناك بالعكس.
من مسببات الاختلافات مسألة فرض الضرائب الجمركية الأمريكية. استندت التوقعات قبل وفي بداية 2025 على ضرائب معدومة أو شبه معدومة. لكن هذا تغير بإعلان فرض معدلات معتبرة ابتداء من أبريل وكانت له مؤثرات طبعا. من ذلك أن الأسواق كادت أن تنخفض انخفاضا شديدا في أبريل. لكن الرئيس الأمريكي كما هو معروف تراجع وأجل فرض الضرائب لشهور. حصلت فيها تطورات وتعديلات تخفف من أثر هذه المعدلات.
ماذا بشأن بلداننا العربية؟ تشير البيانات إلى تحقيق معدل في مستوى نمو الاقتصاد العالمي. ومتوقع أن ترتفع قليلا العام المقبل 2026.
في بلادنا تحقق معدل نمو في أو يزيد قليلا على 4%، ومتوقع أن يكون الرقم بين 4.5 إلى 5% في العام المقبل بتوفيق الله. وهذا النمو مدعوم بنمو القطاع غير النفطي.
طبعا تطورات التجارة العالمية أي بين الدول هي مؤثر مهم في تشكيل الاقتصاد العالمي. حصلت زيادات في القيود التجارية هذا العام، ما زاد من ضعف توقعات التجارة العالمية. لكن الواقع بين حصول توسع في التجارة العالمية، من نحو 2.5% إلى 4%. عناصر أساسية وراء هذا النمو حصول ترتيبات شحن مسبقة، وحصول إعفاءات لظروف واعتبارات. كما ساعدت الظروف والتطورات المالية وارتباطها بالتطورات التقنية وتسهيلها سوق رأس المال والتبادل المالي على النمو.
نمت سوق الطاقة بنسبة 10 % عن العام السابق. ما ساعده انخفاض أسعار الطاقة مقارنة بالأعوام القليلة الماضية. وهو انخفاض ليس شاذا، بل يسير مع انخفاض معدلات التضخم عالميا.
مؤثرات وتغيرات حديثة نسبيا
حصلت خلال هذا العام تذبذبات ذات وزن في أسعار العملات المشفّرة والأصول الرقمية. وهناك تأثير فوري للذكاء الاصطناعي. هذا من المؤثرات المتوقع أن يزيد تأثيرها في العام المقبل، وهو ما يسميه محللون وباحثون "فقاعة الذكاء الاصطناعي". يسهم هذا الذكاء في زيادة أو خفض ثقة المستثمرين حسب البيئة والسلعة والسوق والزمان.
حصل انخفاض نسبي في سعر صرف الدولار، مع توسع نمو الاقتصادات المنافسة، وعلى رأسها الصين. هذا الانخفاض جعل المستثمرون أكثر تحوطا تجاه الدولار.
تحسن أسواق الأسهم في الأسواق الصاعدة حدث لأول مرة عبر سنين، أن يكون أداء سوق الأسهم في الاقتصادات الصاعدة أفضل من الاقتصادات المتقدمة.
ماذا بشأن العام المقبل 2026؟ متوقع أن يمر بالاقتصاد العالمي في العام المقبل عدد من المحددات لمسار اقتصاد العالم. على رأسها مدى قدرة الولايات المتحدة على استمرار تفوقها الاقتصادي وتبعا قيادة الاقتصاد العالمي. عنصر آخر استمرار معدلات الفائدة وخاصة في الاقتصادات الكبرى في مستوياتها المنخفضة. وهذا يدعم توسع ونمو الأسواق الناشئة.
نقلا عن الاقتصادية


