محاربة الجراد بطرق صديقة للبيئة

20/06/2021 0
سعيد معيض

قبل أسابيع هاجمت اسراب من الجراد بعض أجزاء المملكة خصوصا منطقة عسير في موجات تتكرر غالبا كل عام، وكالعادة تصدت الفرق الخاصة في وزارة الزراعة والبيئة لهذه الاسراب لتحجيم خطرها على المزارع، وعلى الغطاء النباتي العام للمملكة من خلال فرق الرش الأرضية، وأحيانا باستخدام طائرات الرش الخاصة.

يعتبر الجراد من أشرس الآفات التي تصيب المزارع وتقضي على المحصولات الزراعية، حيث يمكن لسرب من الجراد ان يقضي على كامل المحصول خلال وقت وجيز من هبوطه في المزرعة بسبب نهمه في أكل كل ما هو أخضر وطري إضافة إلى أعداده الهائلة، وبما أنه يتنقل على شكل اسراب كبيرة جدا فهذا يؤدي الى تحويل المزارع الخضراء الى أراضي جرداء خلال مدة قصيرة مما يؤدي الى خسائر كبيرة وفادحة على المزارعين.

من هذا المنطلق تقوم وزارة الزراعة في المملكة منذ فترة طويلة بمحاربة الجراد، والتصدي له، وهناك قسم خاص في الوزارة منذ سنوات طويلة يهتم بمتابعة موجات الجراد، ومراقبتها والتحذير منها قبل وصولها الى المملكة بالتعاون مع الدول المحيطة والهيئات الدولية، إضافة الى مكافحتها عند وصولها الى المملكة من خلال عمليات الرش في أماكن انتشارها.

ومع تقديرنا لجهود الوزارة في تصديها ومكافحتها لآفة الجراد , الا أننا نتساءل لماذا لا يتم تنويع وسائل مكافحة الجراد بطرق مختلفة , وربما اكثر فائدة , واقل ضررا على البيئة من المبيدات الحشرية , فالمبيدات الحشرية لها اضرار جانبية على البيئة وعلى بعض المشاريع الزراعية كتربية النحل, حيث تؤدي هذه المبيدات الى نفوق اعداد كبيرة من النحل اذا صادق موقع الرش تواجد خلايا النحل في ذلك المكان, ويمكن ذلك من خلال التجارب المحلية أو الاطلاع والاستفادة من التجارب في بعض البلدان حيث ظهرت في السنوات الأخيرة في عدد من الدول تجارب لشركات وافراد استفادت من الجراد كطعام للإنسان أو الحيوان لا سيما في مشاريع انتاج الدواجن.

ان صيد الجراد يعد من العادات والتقاليد المعروفة في العديد من مناطق المملكة وعلى مستوى العالم العربي والإسلامي لا سيما أن أكل الجراد جائز بإجماع الفقهاء لحديث الرسول صلى الله عليه وسلم (أحلت لنا ميتتان ودمان، فأما الميتتان فالجراد والحوت، وأما الدمان فالطحال والكبد) , ولهذا فإن إيجاد طرق أخرى لمكافحته والحد من آثاره على المزارع يمكن أن تكون بديلة لوسائل الرش التقليدية, أو مساندة لها , ومن ذلك استخدامه كغذاء للإنسان من خلال جمعه من قبل المواطنين أو الشركات ومن ثم طبخه وبيعه كما يحدث في بعض مناطق

المملكة , وبالتالي تحويله الى مورد اقتصادي , ومن المعلوم أن هناك الكثير من السكان لا يستسيغون اكله , ولكن الضابط هنا يعود الى الحكم الشرعي ثم العادات والتقاليد , لاسيما انه لم يثبت أي ضرر صحي لتناوله ,واذا اطلعنا على تجارب بعض البلدان للاستفادة من الجراد لوجدنا العديد من التجارب الناجحة , ومن ذلك ما جاء في عناوين الاخبار أن باكستان تحارب الجراد من خلال تحويلها إلى علف للدواجن , وبحسب "الاقتصادية" فإن الدجاج في باكستان يتغذى بالجراد في إطار مبادرة لمكافحة أسراب الحشرات هذه التي تهدد الإمدادات الغذائية في ذلك البلد , وبحسب الصحيفة وافق رئيس الوزراء عمران خان على خطط لتوسيع مشروع ريادي في مقاطعة البنجاب حيث حصل القرويون على أموال لجمع الجراد الذي تم تجفيفه وتقطيعه وإضافته إلى علف الدواجن.

كذلك هناك تجارب وابحاث مختلفة للبحث عن وسائل أخرى غير المبيدات الحشرية نظرا لأن المواد الكيماوية يمكن أن تضر بحشرات أخرى وبالبيئة كما هو الحال في كينيا وتركيا وغيرهما والتي تستخدم في المختبرات العلمية، أو كغذاء لبعض الحيوانات، أو تصديرها للدول التي تعد منها وجبات غذائية، كما يفعل المواطن التركي سلامي غوكغول الذي أنشأ مزرعة لتربية الحشرات ومنها الجراد الذي يتم تصديره الى عدة دول حول العالم.

ومن هنا فإن الوقت قد حان لتطوير سبل مكافحة الجراد بطرق صديقة للبيئة، لا سيما مع توجه المملكة وفق رؤية 2030 للمحافظة على البيئة وتنمية غطائها النباتي، والحد من الآثار السلبية على البيئة.

 

خاص_الفابيتا