الرسوم المالية وخطة السعودة

05/09/2016 1
د.عبد الوهاب بن سعيد القحطاني

أدركت الحكومة السعودية اهمية سعودة الوظائف أو كما يسميها البعض توطين الوظائف، وذلك منذ الطفرة البترولية في الربع الأخير من السبعينيات من القرن الميلادي الماضي، حيث أعلنتها وجعلتها أهمية قصوى وهدفا من الأهداف الإستراتيجية السامية للخطط الخمسية المتتالية، لكنها واجهت حتى اليوم اخفاق ذريع على مستوى القطاع الخاص لأسباب مبررة وأخرى غير مبررة. ولقد أدمن القطاع الخاص على العمالة الوافدة اعتقادا منه بأنها مؤهلة ومنتجة ومنخفضة التكاليف، لكن الدراسات أثبتت عدم صحة هذا الاعتقاد السائد بين أرباب الأعمال في المملكة.

الجدير بالذكر أنه عندما تخفق وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في تحقيق الاهداف الوطنية فإن المسئولين فيها يبحثون عن كبش فداء يعتقدون أنه سينقذهم من اللوم والتقصير في اداء عمل وزارتهم. ولقد اصبحت السعودة في بلادنا كبش فداء يلجأ اليه المسئولون في الوزارات والإدارات المعنية بتوطين الوظائف.

تعاقب على وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في السنوات العشر الأخيرة وزراء بتجارب غير ناجحه في توطين الوظائف، حيث خرجت علينا نطاقات وغيرها من المعايير العجيبة التي لا يصدقها المسئولون في تلك الوزارة، فكيف بالمواطن الذي يبحث عن وظيفة يكسب من خلالها لقمة العيش والاستقرار الأسري.

لا تعالج الأخطاء بأخطاء على الإطلاق إلا عند أولئك الذين يقرؤون الأمور بشكل خاطئ كما هو الحال في السعودة الافتراضية التي ابتدعتها وزاة العمل والتنمية الاجتماعية قبل عدة ايام لأسباب تبدو أنها حول الحاجة إلى التمويل وليس لتحفيز القطاع الخاص على سعودة الوظائف، لكنها حاجة تتعارض مع سياسات الدولة في توطين الوظائف في القطاع الخاص الذي يشتكي من صعوبات كثيرة تتحدى توظيف السعوديين لأسباب بعضها حقيقي ومبرر وأخرى واهية وغير مبررة، وتبدو أنها الأكثر في معظم الشركات.

إن تجاوز شرط السعودة بمقابل رسوم مالية يعد أوضح مؤشر على اخفاق وزارة العمل والتنمية الاجتماعية في تصميم الآلية الناجحة لسعودة الوظائف، بل يعتبره المتخصصون في الموارد البشرية والاقتصاد والمالية محفزا للكثير من الشركات للتهرب من مسئوليتها الوطنية بالتوظيف، خاصة تلك الشركات التي يسيطر على إداراتها أسطورة أن السعودي غير منتج وغير ملتزم للعمل وأنه كسول ومتقاعس وما الى ذلك من قائمة الاتهمات والحجج الواهية. السعوديون هم من صنع أرامكو السعودية وسابك وغيرها من الشركات العملاقة في المملكة لأنهم وجدوا البيئة المحفزة ماليا وإداريا وقياديا وتدريبيا ومعنويا، ولذلك أنتجوا وتميزوا وأبدعوا في وظائفهم.

ويحز في نفوسنا أن وزارة العمل والتنمية الاجتماعية تراجعت في تنفيذ خطة توطين الوظائف مما يزيد من معدل البطالة بين السعوديين، علما بأن مئات الآلاف من خريجي الابتعاث يعودون كل سنة إلى المملكة مما يستلزم استيعابهم في وظائف القطاع الخاص التي يسيطر عليها الوافدون، ناهيك عن استيعاب خريجي الجامعات السعودية الذين يقدرون بالآلاف.

الخلاصة نأمل أن تعيد وزارة العمل والتنمية الاجتماعية النظر في قرارها الخاص بالتغاضي عن نسبة السعودة في المنشآت التي لا تستطيع توظيف السعوديين مقابل رسوم مالية، لان هذا سيحفزها على توظيف العمالة الوافدة والتخلص من السعوديين بحجج واهية. إن رسوم تجاوز شرط السعودة محفز لا يخدم توطين الوظائف في المملكة.

وبإمكان وزارة العمل والتنمية الاجتماعية ملاحقة الشركات التي تلجأ إلى السعودة الوهمية وتغريمها، بل وإيقاف تراخيص عملها بدلا من تشجيعها على التهرب من توظيف المواطنين المؤهلين، وذلك بدفعها الرسوم للتغاضي عن نسبة السعودة فيها.

نقلا عن الحياة