«رؤية 2030» مثال يُـحتذى خليجياً

12/05/2016 2
عامر ذياب التميمي

تمثّل الرؤية الاستراتيجية للتحول الهيكلي في الاقتصاد السعودي التي طرحها ولي ولي العهد النائب الثاني لرئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الأمير محمد بن سلمان، نقلة نوعية، فالأهداف التي أكدتها الرؤية تمثل توجهاً مهماً لتحويل الاقتصاد السعودي إلى اقتصاد عصري يعتمد على تطوير القدرات الصناعية والخدمية في القطاعات غير النفطية وتحويل الاقتصاد النفطي إلى اقتصاد متنوع لا يعتمد فقط على إنتاج النفط الخام وتصديره.

وتؤكد الرؤية تعزيز دور القطاع الخاص لرفع مساهمته في الناتج المحلي الإجمالي، كما تشدد على زيادة دور المواطنين في قوة العمل ورفع الكفاءة في أوساطهم وتمكينهم من ممارسة العمل في مختلف الوظائف والنشاطات، بعد الارتقاء بمستوياتهم التعليمية وتأمين برامج التدريب المهني لأعداد كبيرة منهم.

يبلغ عدد سكان المملكة حوالى 31 مليون شخص وتبلغ نسبة المواطنين 69 في المئة من السكان، وتزيد نسبة الذين تقل أعمارهم عن 25 سنة في المجتمع السكاني عن 51 في المئة.

ويمثل هذا الواقع السكاني أهمية، فهو يعني تزايد أعداد المتدفقين إلى سوق العمل سنوياً، الأمر الذي يؤكد أهمية تأمين فرص العمل الملائمة.

وأشار الأمير محمد إلى أهمية هذا التحدي الديموغرافي ومعالجته وفق آليات اقتصادية عصرية. ولا شك في أن تشجيع المرأة على دخول سوق العمل سيواكب النمو السكاني ويمكّن من تطبيق أفضل لسياسة سعودة الوظائف في القطاعين العام والخاص.

وتحض الخطة على استثمار تراجع أسعار النفط إيجاباً للارتقاء بدور القطاع الخاص وتخفيف العبء على الخزينة العامة وتحسين مستوى التعليم وتأمين التعليم المهني والتطبيقي، لزيادة قدرة المواطنين على العمل في مختلف الوظائف والمهن في كل القطاعات الاقتصادية.

تهدف الرؤية إلى تطوير سوق العمل، من خلال تحقيق أهداف تشمل خفض البطالة من 11.6 في المئة إلى سبعة في المئة ورفع مساهمة المرأة في سوق العمل من 22 في المئة إلى 30 في المئة بحلول 2030.

وتشمل الأهداف إيجاد ستة ملايين وظيفة في القطاعات غير النفطية مثل الصناعات التحويلية والمناجم والسياحة والخدمات الصحية.

وتُعد أهداف كهذه طموحة فالحكومة توظف ثلثي العاملين السعوديين، كما يشغل العمال الوافدون 80 في المئة من وظائف القطاع الخاص، لكن يُرجَّح أن الخطط التفصيلية العتيدة لإصلاح سوق العمل وإصلاح الأنظمة التعليمية ستمكّن من تحقيق تلك الأهداف بدرجة جيدة.

المأمول أن توفق الحكومة السعودية في إنجاز مشروعها الإصلاحي الطموح، خصوصاً ما يتعلق بسوق العمل، فذلك هو الأساس السليم لتطوير اقتصاد البلاد.

ويعني ذلك تبني سياسات مالية مختلفة وتحديد آليات التوظيف في القطاع الحكومي وتأكيد توظيف القطاع الخاص المواطنين والتخفيف من الاعتماد على الأيدي العاملة الوافدة المتدنية الأجور.

وتبنت الحكومة السعودية فلسفة جديدة للتعليم تهدف إلى تحسين الكفاءة وتشجيع المتميزين من الطلبة على الالتحاق بأفضل الجامعات في البلدان المتقدمة، علماً بأن النظام التعليمي الجامعي شهد في السنوات الأخيرة تطويراً مهماً، خصوصاً بعد تأسيس جامعة الملك عبدالله للعلوم والتكنولوجيا.

وأكدت التقارير الخاصة بتصنيف الجامعات في مختلف بلدان العالم ان الجامعات السعودية أصبحت في المراتب المتقدمة بين الجامعات العربية.

وعلى صعيد الجانب المتعلق بإيرادات البلاد، تضمنت الرؤية توقعات بأن يصبح الدخل من الإيرادات غير النفطية بحدود 160 بليون دولار في 2020، على ان ترتفع هذه الإيرادات إلى 267 بليون دولار في 2030.

وهذا يعني رفع مساهمة الصادرات غير النفطية إلى مستويات عالية وتطوير قدرة الصناعات غير النفطية.

يتطلب الأمر تشجيع مختلف النشاطات الحيوية ذات الميزات النسبية وتشجيع الشباب على المبادرة وتطوير نشاطات أعمال صغيرة ومتوسطة الحجم وهذا ما هو متوقع من الخطط التفصيلية العتيدة.

ويكفل تحقيق هذه الأهداف في السعودية، التي تعتبر قاطرة الاقتصادات الخليجية، دفع الحكومات في بلدان مجلس التعاون الخليجي للسير في المسار الإصلاحي والتنموي ذاته وتفعيل قدراتها على إنجاز برامج التحول الهيكلي.

والمناسب التعامل مع الرؤية السعودية في شكل ملائم والاستفادة من ما هو إيجابي ومفيد لتطوير آليات التغيير والتحديث في سائر بلدان الخليج. ومن الأمور المهمة بالنسبة إلى «رؤية 2030» أنها طُرِحت بشفافية ومن مسؤول قيادي في الحكومة السعودية.

نقلا عن الحياة