صناعة الـ "تيتانيوم أوكسيد" (1) : آخر التطورات

22/05/2011 31
د. أحمد المزروعي

نظرا للأهمية الكبيرة لصناعة الـ "تيتانيوم أوكسيد" (Tio2) لشركة "التصنيع الوطنية" المدرجة بالسوق السعودي فإني سالقي بين فترة واخرى الأضواء على التطورات التي تحدث في هذه الصناعة خصوصا اذا كانت هذه التطورات جوهرية ورئيسية كما هو الوضع حاليا...

سبق وفي مثل هذا الوقت من العام الماضي ان تعرضت لهذه الصناعة ( آخر تطورات صناعة التيتانيوم أوكسيد ) ويتضمن ذلك المقال فكرة شاملة عن منتجي المادة الكبار حول العالم وتوزيع مصانع شركة "كريستال جلوبل" التابعة للتصنيع ، والعديد من المعلومات الأخرى التي أنصح بقراءتها للمزيد من المعلومات حول الصناعة...

يوم الخميس قبل الماضي اصدرت شركة الأبحاث المستقلة المتخصصة بالصناعة (TZMI) أحدث تقاريرها والذي يرسم صورة شديدة التفاؤل حول مستقبل الصناعة متوقعة أن تتسارع عملية زيادة اسعار المنتج من المصنعين الرئيسيين بوتيرة اسرع مما شهدناه خلال الأشهر الماضية وذلك بسبب مستويات المخزون المنخفضة وعدم وجود طاقات انتاجية جديدة ...

وللمعلومية فإن أسعار بيع منتج التيتانيوم أوكسيد شهدت ارتفاعات متواصلة منذ نهاية عام 2009 حيث كانت وصلت آنذاك إلى مستويات متدنية امتدادا لما يقارب من 11 سنة من الركود اختتمت بالأزمة المالية العالمية التي أدت الى اقفال دائم للعديد من المصانع القديمة وذات التكلفة العالية ....

ومع انتعاش الطلب منذ بداية عام 2010 وجد المنتجون انفسهم شيئا فشيئا في وضع أفضل من ناحية توازن العرض والطلب والذي بدأ بالتحول منذ بداية عام 2011 إلى عدم كفاية العرض وهو ما جعل المنتجين للمادة في وضع قوي جدا ليصبحوا هم المتحكمين في الأسعار بعد سنوات عديدة كان المستهلكون (شركات الطلاء بالخصوص) هم الذي يفرضون الأسعار المنخفضة...

يقول تقرير (TZMI) بأن العام 2011 بدأ بمخزونات أقل من المعتاد فيما تؤكد على أنه لم يتم بناء مخزونات اضافية خلال أشهر الشتاء ولذلك فإن بداية موسم الطلب القوي على المادة (الربيع والصيف) انطلق والمخزونات شحيحة لدى المنتجين والموزعين..

ويقول التقرير أن عوامل مثل عدم الاستثمار في بناء مصانع جديدة منذ فترة طويلة بالاضافة إلى الاقفال النهائي لبعض المصانع القديمة خلال عامي 2008 و 2009 قد أديا إلى هذا الشح في المعروض متوقعة أن لا يتمكن بعض العملاء من الحصول على الكميات التي يرغبون بها خلال عام 2011 بسبب كون المعروض يقل عن الطلب العالمي..

وعلى ذلك فإن (TZMI) تتوقع أن تؤدي هذه الظروف إلى استمرار تصاعد أسعار بيع المادة ليس فقط خلال عام 2011 بل أيضا في عامي 2012 و 2013 !!!...

يشير التقرير أيضا إلى عائق آخر يمنع المنتجين من زيادة طاقاتهم الإنتاجية في المستقبل المنظور وهو عدم توفر الكميات اللازمة من المواد الخام الداخلة في الصناعة وخصوصا خام التيتانيوم أوكسيد ( مثل الـ Rutile) مما سيمكن منتجي المادة من المحافظة على قدرتهم على رفع الأسعار لسنوات قادمة..

وتزامنا مع صدور التقرير وفي الايام التالية قامت شركتان من كبرى الشركات المنتجة للمادة وهما "دو بونت" و "كرونوس" بالاعلان عن نيتهما رفع الأسعار بشكل كبير خلال الاشهر القادمة وذلك بالاضافة الى الزيادتين السابقتين اللتين تم الإعلان عنهما منذ بداية العام الحالي والتي سرى مفعول أولاهما في شهر يناير والثانية في شهر ابريل الماضي...

فشركة "كرونوس" قررت زيادة الاسعار بـ 300 دولار على الأقل بدءا من شهر يوليو القادم في مناطق عدة و بـ 250 يورو للطن في أوروبا (حوالي 360 دولار) بدءا من شهر يونيو ، كما قررت يوم قبل أمس زيادة الأسعار بنحو 330 دولار في امريكا الشمالية بدءا من شهر يوليو القادم ، أما شركة "دوبونت" ، أكبر منتج للمادة في العالم ، فقررت زيادة أكبر حيث تنوي رفع أسعار البيع بـ 250 يورو (حوالي 360 دولار) في اوروبا وشمال افريقيا و بـ 500 دولار للطن بالنسبة لباقي المناطق التي يكون الدفع فيها بالدولار وبـ 220 دولار في امريكا الشمالية وتسري معظم هذه الزيادات بدءا من شهر يونيو...

وتجئ هذه الزيادات فوق الزيادات التي تم اقرارها وتمريرها سابقا (هذه هي المرة الثالثة التي تقوم الشركات بزيادة اسعار البيع منذ بداية عام 2011)...

هذا ويبدو أن الأمر مفروغ منه فيما يخص الشركتين الكبرى الاخريتين وهما "كريستال" و "هنتسمان" اللتان ينتظر أن نسمع منهما قريبا زيادات مماثلة بالأسعار ، وبالفعل فقد أعلنت يوم قبل أمس شركة "كريستال" نيتها رفع الأسعار مرة أخرى بـ 220 دولار للطن بدءا من شهر يونيو القادم في امريكا الشمالية وينتظر أن تعلن عن مزيد من الزيادات لباقي المناطق في العالم خلال الاسابيع القادمة..

في مثل هذا الوقت من العام الماضي كان معدل سعر بيع الطن بحدود 2300 – 2500 دولار وارتفع الى قرابة الـ 3000 دولار مع بداية عام 2011 ، وبنهاية الربع الأول 2011 بلغ السعر حوالي 3200 دولار للطن وكانت الشركات الكبرى كلها قد أعلنت عن زيادات تتراوح بين 200 الى 300 دولار للربع الثاني 2011 كما أن الموجة الجديدة من الزيادات التي يبدأ مفعولها في شهري يونيو و يوليو القادمين ستؤدي الى رفع سعر المنتج إلى مستويات تراوح بين 3600 – 3800 دولار.. وتشير التوقعات إلى أن مستوى الـ 4000 دولار وربما حتى أعلى منه سيكون أمرا حتميا مع نهاية العام الحالي أو بداية عام 2012...

تسنى لي أن أطلع على مناقشات المؤتمرات الصحفية التي أعقبت إعلان النتائج المالية للربع الاول لكل من "دوبونت" و "هنتسمان" و "كرونوس" وهم على التوالي أكبر وثالث و رابع أكبر الشركات المصنعة للمادة بالعالم و يسيطرون مع "كريستال" على أكثر من 57 % من الانتاج العالمي .... وسأتعرض في المقال القادم يوم غد بإذن الله بالتفصيل لأهم النقاط التي وردت في هذه المؤتمرات فيما يخص الصناعة والتوقعات المستقبلية ...