زين السعودية (1) ... كبوة الحصان الكويتي الجامح

21/02/2011 7
انور بانافع

بعد أكثر من عامين من التشغيل لخدمات زين السعودية المشغل الثالث لخدمات الهاتف النقال في السعودية، جاءت نتائج الشركة لتؤكد حقيقة واحدة تتمثل في الإخفاق الواضح للمؤسسين و على رأسهم شركة الاتصالات الكويتية "مجموعة زين" بالمبالغة في القيمة المدفوعة لدخول السوق السعودي عبر الحصول على الرخصة الثالثة للهاتف النقال في العام 2007.

مشاكل " زين السعودية " و إن تفرعت و تنوعت أشكالها إلا أن مصدرها واحد، ضخامة القيمة المدفوعة للحصول على الرخصة و التي لا تتفق مع معطيات سوق الاتصالات السعودية في تلك الفترة، و النتيجة ارتفاع في التكاليف سواء أكانت التكاليف التمويلية أو التكاليف الدفترية من إطفاء قيمة الرخصة، وذلك في مقابل إيرادات غير كافية و إن كانت تنمو بشكل دوري.

عندما طرحت الرخصة السعودية الثالثة للهاتف المحمول في العام 2007 كان واضحا من العروض المقدمة أن هناك حرص كبير من هذه التحالفات لنيل حصة من السوق السعودي، و قد يكون ذلك مدفوعا بما لوحظ من النمو السريع الذي حققته " موبايلي " عند دخولها للسوق في العام 2005، و التي صنفت بأنها الأسرع نموا بين شركات الاتصالات في الشرق الأوسط.

و مع أن جميع التحالفات قدمت عروض كبيرة إلا أن العرض الفائز الخاص بتحالف " زين " كان بعيدا جدا عن باقي العروض، فاقرب عرض " لزين " هو العرض المقدم من شركة " بهاراتي ايريتل " الهندية بقيمة تقل عن عرض " زين " بأكثر من 5 مليار ريال، فيما قدم تحالف شركة " أم تي إن " الجنوب افريقية اقل العروض بقيمة بلغت 8.4 مليار ريال أي بما يقل عن عرض " زين " بأكثر من 14 مليار ريال، وقد يكون هو الأكثر منطقية حسب معطيات السوق الحالية.

المفارقات العجيبة تظهر عند إجراء بعض المقارنات الموضوعية بين شركتي " زين " و منافستها في السوق شركة " موبايلي " صاحبة الرخصة الثانية، و منها ما يلي :

1- حصلت شركة " موبايلي " على الرخصة السعودية الثانية للهاتف النقال في العام 2004 بقيمة بلغت 12.9 مليار ريال، فيما دفعت " زين " 22.9 مليار ريال الثالثة بزيادة 10 مليار ريال عن ما دفع من قبل " موبايلي "، مع أن العرف السائد عند خبراء الاتصالات أن المشغل الثالث يكون اقل نموا من المشغل الثاني.

2- دخلت شركة " موبايلي " سوق الاتصالات السعودي بكرا في ظل معدلات انتشار للهاتف النقال لا تتجاوز 45 % بعدد اشتراكات إجمالي يبلغ حوالي 9 مليون مشترك، فيما كان دخول " زين " لسوق الاتصالات السعودي في مرحلة مختلفة تماما يتجاوز فيها عدد المشتركين 29 مليون مشترك بمعدل انتشار يزيد عن 140 %.

3- بدأت " موبايلي " عملياتها التشغيلية في العام 2005 في وقت كان مستوى الإيراد الشهري للمشترك الواحد يزيد عن 150 ريال، في مقابل معدلات سائدة تقل عن 100 ريال للمشترك عند بداية التشغيل لـ " زين ".

في العقد الماضي أدى الانتعاش الاقتصادي التي عاشته منطقة الخليج، إلى اتساع عمليات الاستحواذ و التوسع في شركات المنطقة مدعومة بتوفر السيولة، لاسيما شركات الاتصالات التي بدأت بالتحرك خارج أسواقها الرئيسية سعيا منها لإيجاد فرص بديلة بعد تحرير تلك الأسواق و كسر الاحتكار، و مع تناقص الفرص المتاحة ارتفعت قيمة الصفقات لتصل لأرقام فلكية.

و من جانبها مجموعة " زين الكويتية " اكتسبت سمعة كبيرة بتوسعاتها التي بدأت مبكرا مقارنة بالشركات الأخرى في المنطقة، و إن كان جوهر هذه الصفقات و أنجحها تلك التي استحوذت عبرها المجموعة على ثالث اكبر مشغل للهاتف المحمول في إفريقيا شركة " سيليتل " بقيمة بلغت في ذلك الوقت حوالي 3.3 مليار دولار.

و في عالم الصفقات لا توجد دائما ضمانات كافية للنجاح، حيث أن المجموعة الكويتية و إن كانت استفادت كثيرا من صفقاتها في إفريقيا، إلا أن المؤشرات حتى ألان تدل على إخفاقهم في السوق السعودي عبر شركتهم التابعة في السعودية و التي كانت بمثابة الكبوة لحصان المجموعة الجامح!!.. و من المرجح أنها كانت السبب الأهم في تحول الأهداف و السياسات لكبار المستثمرين في " زين الأم " من التوسع و الانتشار إلى التخلص من أهم أصولها ابتداء من صفقة بيعها لأصولها في إفريقيا لشركة " بهاراتي " الهندية، و من ثم محاولة بيع حصة الأغلبية في المجموعة للشركة الإماراتية " اتصالات ".

يتبع في المقال القادم ... شركة " زين السعودية " و خطة إعادة الهيكلة ..

الملحقات .. توضح الجداول مقارنات بين شركتي " موبايلي " و " زين ":