ما مصير استثمارات شركات الاسمنت السعودية في الاردن ؟!

12/12/2012 16
انور بانافع

تشير دراسة اعدتها " هولتك برايفت " عن سوق الاسمنت الأردني، والتي تضمنتها نشرة اصدار شركة اسمنت الشمالية، الى ان السوق الأردني يعاني من منافسة شديدة، ناتجة عن زيادة الطاقات الإنتاجية من الاسمنت في الأردن خلال السنوات الماضية لتصل الى حوالي 9.2 مليون طن سنويا في العام 2011، و ذلك مقابل تراجع في معدلات الاستهلاك و التي وصلت 3.8 مليون طن في العام.

مع هذه الفجوة الكبيرة بين العرض و الطلب في سوق الاسمنت الاردني و التي نتج عنها فائض في الطاقات الانتاجية يقدر بنحو 5.4 مليون طن، لم تستطع شركات الاسمنت استغلال طاقاتها الانتاجية بشكل كامل، ما يزيد الامر سوءا ان هذا الوضع ليس استثنائيا ليستمر فترة محدودة فقط، حيث تتوقع الدراسة ارتفاع الاستهلاك لمستوى 4.7 مليون طن سنويا فقط بحلول العام 2018.. ما يعني ان الفائض سيظل قائما خلال سنوات لاحقة و هو ما يشكل تهديد خصوصا على تلك المصانع ذات الطاقة الانتاجية الاكبر!!


*مليون طن

و من بين شركاتنا السعودية المساهمة، دخلت خلال عامي ( 2007 و 2008 ) شركتا "اسمنت الشمالية " و " اسمنت العربية " الى السوق الأردني باستثمارات تجاوزت في مجملها 1700 مليون ريال.

حيث انشأت الأولى مصنع لإنتاج الاسمنت قرب العاصمة عمان بطاقة إنتاجية قدرها 1 مليون طن سنوياً، وتبعتها " اسمنت العربية " بتاسيس " اسمنت القطرانه " في محافظة الكرك بطاقة انتاجية اكبر تبلغ في حدود 2 مليون طن كلنكر سنوياً، بالإضافة الى استثمارها في شركة " الباطون الجاهز " التي تنتج الخرسانه.

بالنسبة لاسمنت " الشمالية " فموقعها في شمال المملكة بالقرب من الاردن اعطاها مزايا تنافسية سمحت لها باستغلال السوق الاردني بشكل افضل من منافسيها، حيث تقوم شركتها التابعة بإنتاج الاسمنت فقط بتكاليف محدودة و بطاقة انتاجية معقولة قياسا بحجم الاستهلاك، بينما تستورد مادة الكلنكر من شركتها الام في شمال المملكة باسعار منافسة لانخفاض تكلفة الانتاج التي تتميز بها الشركات السعودية، كما ان عدم انتاجها للكنكر سمح لها بان تكون بالقرب من العاصمة عمان والتي يتركز فيها الاستهلاك الاكبر مما يوفر عليها تكاليف النقل.

الا ان قرار وزارة التجارة بمنع التصدير في بداية هذا العام شكل العقبة الرئيسية للشركة و افقدها ميزتها النسبية، حيث اصبحت شركة " اسمنت الشمالية الاردن " تقوم بشراء الكلنكر من موردين محليين بالاردن، وهو ما رفع تكاليفها و قلل من هوامش أرباحها.

في المقابل فان شركة " اسمنت العربية " كانت الاكثر تضررا في السوق الاردني، وذلك مع ارتفاع تكاليف الإنتاج و انخفاض الطلب و الاستهلاك، فالشركة لم تستطع حتى ان تستغل نصف الطاقة الإنتاجية لمصنعها بالكرك خلال العام 2011.

يلاحظ من الجدول اعلاه استمرار الخسائر لشركة " اسمنت القطرانه " خلال النصف الاول من العام 2012، في مقابل ذلك تحقق " اسمنت الشمالية الاردن " ارباح متواصلة منذ بدايتها الانتاج في الربع الاخير من العام 2009.

و مع هذا يبدو ان انظار شركات الاسمنت العاملة في الأردن تتجه الى السوق العراقي الذي يتزايد الطلب فيه في مقابل انخفاض الانتاج المحلي، و ان كانت شركات الاسمنت السعودية خصوصا تلك التي في شمال المملكة اكثر تنافسية في السوق العراقي اذا تم السماح مره اخرى بالتصدير ( و ان كان ذلك مستبعدا على المدى القريب ) نظراً لانخفاض تكاليف الإنتاج بالنسبة لهذه الشركات مقارنة بغيرها في الدول الاخرى.