أوقفوا الاستيطان في المملكة

25/09/2011 25
عبدالرحمن الحمادي

لم يكتف تجار العقار وأصحاب النفوذ ببسط أيديهم على المناطق الداخلية لمدن المملكة، بل واصلوا بناء مستوطناتهم خارج النطاق العمراني. وأصبحت مدن المملكة محاطة بمستوطنات عقارية يفوق سعرها قدرات المواطن المالية. وذلك بمباركة من الجهات الحكومية المؤتمنة على توزيع الاراضي على المواطنين بصورة عادلة.

إن الاستيطان الذي يمارسه أصحاب النفوذ وأصحاب رؤوس الأموال الضخمة في المملكة لهو شرٌّ من استيطان اليهود في الأراضي الفلسطينية المحتلة. استطاع الفلسطينيون أن يحددوا عدوهم المحتل الغاصب وأن يحصلوا على تأييد من جميع أصحاب الضمائر الحية، لكن المتضررين من المواطنين السعوديين والمقيمين في المملكة لم يصلوا إلى أي نتيجة تذكر، بل لم يعترف أحد بقضيتهم وحقوقهم المسلوبة.

إن عدو الفلسطينيين واحد، وإن كثر أنصاره إلا أنهم يعرفون ضد من يتظلمون، أما الأراضي السعودية، فإنها تواجه سباقاً محموماً من المستوطنين الذين يعيشون في قصور مشيدة ويتقلبون في الثروات الطائلة ولا همّ لهم سوى الاستكثار من المال عن طريق التحكم في مسكن المواطن والمقيم.

إن العدو الصهيوني الغاصب منبوذ ومكروه في كل المجتمعات والأعراف السليمة، لكن المستوطنين في المملكة هم من يرعى الأيتام ويبنون المساجد بأموالهم المشبوهة.

ومن الآثام التي اقترفوها في حق الوطن والمواطن، بالإضافة إلى تعسير السكن، تحويلُ القبلة الاستثمارية من الزراعة والصناعة والخدمات إلى شراء الاراضي وتعطيلها ليزيد سعرها سنوياً بمقدار يفوق أي استثمار آخر.

إن الاستثمار العقاري المبني على الاستيلاء على الأراضي بطرق مشبوهة وبيعها بأضعاف تكلفتها لا يحتاج إلا إلى جاه وتمكن وإلى نفوس دنيئة في الجهات الحكومية المؤتمنة التي تبيع دينها بدنيا غيرها. وجعل ذلك إيرادات النفط الوافرة عاجزة عن خلق الوظائف، لأنه لا حاجة لليد العاملة النظيفة في هذا الاستثمار الذي يعد أفضل الاستثمارات وآمنها في المملكة.

عندما أصبحت الأراضي (دُولةً بين الأغنياء) ظهر من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية والأمنية ما لا يحصيه مقال مثل هذا. وجعل توفير السكن عقبة كأداء تواجه الباحث عن عمل بعيداً عن أسرته. وجعل تكوين الأسرة أُمنية شبه مستحيلة بالنسبة لكثير من الشبان والشابات.

وأما موقف الحكومة فلم يتجاوز الإعلان عن ٥٠٠ ألف وحدة سكنية تشبه مخيمات لاجئين لأنها لا تكفي لان تسد الحاجة الى السكن. ومع ذلك فإن معالجة الحكومة تعطي مزيداً من الشرعية للاستيطان الظالم وتسكت المواطن لسنوات قادمة على أمل أن يدخل السحب على وحدة سكنية يتسابق عليها العشرات أمثاله. وهذا الحل العاجز مصاب بشلل تام، إذ ليس له إطار زمني، وليس له آليات معلنة تدل على استمراريته وبقائه.

إن حلول الحكومة ليست مؤقتة ولا مستدامة بل هي "جرعة إسكان" بكل ما تحمله من معاني. وطالما استخدمت الحكومة الفيتو لصالح المستوطنين فمتى يحين الوقت لاستخدامه لصالح المواطن وصالح أمنها واستقرارها.