الخطوط السعودية وإنعاش القلب

11/02/2016 3
م. برجس حمود البرجس

بادرت الخطوط السعودية مؤخرا بمعالجة أكبر مشكلة لديهم وهي زيادة عدد الطائرات، طائرات جديدة ومتطورة وبأعداد كثيرة من أفضل شركتي طيران عملاقتين -بوينج وإيرباص-، وتأتي زيادة الطائرات بما بعدها من مطالبات أخرى، فعدد الرحلات سيرتفع ضمن هذه الصفقات، وكذلك عدد المقاعد والتوسع في محطات الوجهة وغيرها الكثير.

ونأمل أن تتم معالجة الأمور الثانوية الأخرى كما سبق أن علقنا سابقا على جودة الأطعمة من الشركة المشغلة لذلك، وأيضا طريقة التعامل مع العفش، وتطوير الكوادر البشرية وبقية الملاحظات.

انتقدنا الخطوط السعودية كثيرا وطويلا مطالبين بالتطوير وزيادة المقاعد وزيادة الرحلات والتوسع وتحسين الخدمات وغيرها، وسنبقى ننتقدها متى ما رأينا نواقص حتى نصل إلى درجة الرضا والتطلعات، ولكن عندما بادرت بالخطوات الإيجابية في التطوير والتقدم أصبحنا أول المصفقين.

الطريقة التي اتبعتها الخطوط السعودية تعتبر الأفضل، وهي ما يسمى بـ"إنعاش القلب"، فطبيب الطوارئ يستقبل حالات كثيرة في أوقات مزدحمة، فعندما يُنقل إلى غرفة الطوارئ مصابون وحالات خطرة من حوادث مختلفة، لا يركز الطبيب على الجروح والكسور البسيطة ولا على عمليات التجميل، بل على إنعاش القلب أولا وعلى إيقاف النزيف الداخلي، خصوصا نزيف الدماغ، وتأتي الأمور الأخرى في المرحلة التالية بعد استقرار حالة المصاب من خطر الوفاة.

هذا ما فعلته الخطوط السعودية مؤخرا -وإن كنا انتقدناها كثيرا- باشرت بعلاج المحور الرئيسي وعملت صفقات شراء لطائرات واستحوذت على 50 طائرة من إيرباص، 20 طائرة من طراز A330 regional و30 طائرة من طراز A320ceo، وسيكتمل وصولها للسعودية خلال 3 سنوات، ستتسلم منها هذا العام 29 طائرة جديدة، وبذلك تصبح الخطوط السعودية أول مشغل بالعالم لطائرات A330 regional بعد أن أصبحت (هذا الأسبوع) ثاني مشغل بالشرق الأوسط وإفريقيا لطائرات B787-9، وقد سبق أن اشترت الخطوط السعودية مؤخرا 8 طائرات دريملاينر من بوينج، استلمت اثنتين هذا الأسبوع وتبقت 6 تسلم اثنتان منها هذه السنة، وبذلك تكون الخطوط استلمت 4 طائرات دريملاينر في 2016 ويتبقى 4 طائرات ستستلمها في 2017، وهناك أيضا طائرات من بوينج 777 استلمت الخطوط منها 46 طائرة، وآخرها وصلت هذا الأسبوع، وهناك طائرات أخرى لم يتم الإفصاح عنها رسميا، وبذلك يصبح أسطول السعودية 200 طائرة بحلول 2020.

اليوم الخطوط السعودية أكبر شركة طيران بالمنطقة بعد تركيا تسّير رحلات بمعدل 540 رحلة يومية، ولديها خطة لمضاعفة هذا الرقم ليصل إلى 1000 رحلة يومية بعد اكتمال استلام بقية الطائرات وخطوط السفر.

البعض من الزملاء تحدث عن أقاويل رددها البعض الآخر بأن الدفعة الأخيرة التي وصلت إلى المملكة هذا الأسبوع يعيبها خلل، ولكن الكلام هذا ليس صحيحا، فهم يتكلمون عن طائرات 787-8 وهي أيضا ليست بها عيوب كما ذكر، فالخطوط القطرية تستخدم منها حاليا 25 طائرة ولديها طلبات لـ37 أخرى من نفس الموديل، وأيضا الخطوط اليابانية التي اشتكت في البداية من هذا الخلل وما زالت تستخدم هذه الطائرات ولديها طلبات من نفس الموديل.

هذا الموديل من الطائرات تستخدمه شركات كثيرة في العالم ولكن السعودية لم تشتر منه.

الخطوط السعودية اشترت 8 طائرات من بوينج 787-9 والتي وصلت منها اثنتان هذا الأسبوع، والبقية ستصل خلال عامي 2016 و2017، وقد سبقها خطوط اتحاد الطيران التي اشترت 10 طائرات من هذا النوع الأحدث لدى بوينج، استلمت منها 5 طائرات.

الخطوط السعودية ليست أمامها خيارات إلا التميز، فالدولة لن تدعمها، وسيدخل محليا مشغلون جديدون (الخليج والقطرية)، وأيضا شركات الطيران الأجنبية التي تنقل الركاب من وإلى السعودية في ازدياد وفي زيادة لعدد الرحلات وأحجام الطائرات.

الخطوط السعودية ليس أمامها إلا التميز بمزايا التنافس التجاري ليس فقط في زيادة أسطول الطائرات ولكن في أعمالها الأخرى، فالتنافس سيكون "شرسا" والتحديات تحتاج إلى من يواجهها ويتخطى العقبات والصعوبات.

أتمنى من القائمين على صناعة القرارات بالخطوط السعودية معالجة بقية النواقص، فالخطوط لديها مساحة كبيرة للتطوير وتحسين الأداء، أما رفع أسعار التذاكر فهو إجراء سلبي للتنافس في ظل وجود المشغلين الجدد، وهو أساسا حيلة من لا يستطيع التطوير، وسيجعل من الخطوط السعودية "ناقل VIP" بدلا من "ناقل وطني"، وبذلك لن تكون من خيارات المسافر. 

نقلا عن الوطن