خصخصة أم إعادة هيكلة

11/01/2016 0
عيسى الحليان

لأن اللغة الإنجليزية تسيطر على أدبيات علم الاقتصاد، فقد ظهرت كلمة Privatization لأول مرة في قاموس «ويبستر»عام 1983، وذلك بعد نجاح عملية التحول الاقتصادي في بريطانيا والتي كانت أكبر عملية تحول جذري بعد الحرب العالمية الثانية.

أما الخصخصة ومرادفاتها العربيات فهي أدبياتنا الاقتصادية تشبه الجوال ومرادفاته العربية، فهناك من يسميه المحمول، وهناك من يطلق عليه النقال، وهو الخلوي في بعض البلدان العربية إلى آخر هذه التسميات، والخصخصة هنا هي التخصيص أو الخوصصة، لكنها في النهاية تفضي إلى أمر واحد ومعنى واحد وهو انتقال الملكية من العام إلى الخاص ؟

ولعل التعبير الأشمل يعني التحويل الكلي أو الجزئي لملكية وإدارة الفعاليات الاقتصادية التي تملكها الدولة إلى القطاع الخاص.

فإذا كان هذا ما تعنيه هيئة الطيران المدني بخصخصة المطارات فإنه يمكننا القول بأننا انتقلنا فعلاً إلى عصر الخصخصة، أما إذا كان القصد هو تحويلها إلى شركات مملوكة للهيئة، وبالتالي مملوكة للدولة وهي من سيقوم بتشغيل هذه المطارات لاحقا، فهذا يسمى إعادة هيكلة وليس خصخصة، فالتخصيص ببساطة يعني انتقال الملكية من الحكومة إلى القطاع الخاص، لأن المتعارف عليه أن تخصيص المطارات أو شركات الطيران في العالم أو غيرها يعني إدراج أسهمها في البورصة.

فشركة BAA البريطانية على سبيل المثال، والتي تمتلك مطار هيثرو مدرجة على البورصة منذ عام 1987، ومع ذلك فهي لا تقوم بتشغيل المطار وبدلا من ذلك تنيط هذه المهمة بشركة مطار هيثرو المتخصصة.

وشركة FraPort الألمانية التي تقوم بملكية وإدارة مطار فرانكفورت والتي يتعدى دخلها السنوي 2.5 مليار يورو مدرجة هي الأخرى على بورصة فرانكفورت.. إلخ مثل هذه النماذج.

في الدول التي اتخذت أسلوب الخصخصة نموذجا تجد بأن المطارات مؤسسات وشركات خاصة، وفي اعتقادي أن هذا النموذج من الصعوبة تطبيقه في المملكة لا لأسباب سيادية تتعلق بنظام المملكة وعدم نقلها لملكية هذه المطارات بأي حال، ولكن لأن البلد ليس فيها ضرائب على عائدات هذه المرافق (لو باعت) كما الحال في الدول الأخرى التي تحصل على إيرادات هائلة، وبالتالي فإن البلد تخسر مرافق اقتصادية (لو باعت) وأرباحا (لو شغلت) تدر عليها أرباحا كالدول المجاورة، حيث يبلغ نصيب دبي أكثر من 83 مليار درهم من هذا القطاع سنويا ويمثل28 % من إجمالي دخل الإمارة وفقا لدراسات مؤسسة إكسفورد.

ولذلك فإن البديل هو نموذج (BTO) للمطارات الجديدة ونموذج عقود التشغيل operation contract للمطارات القائمة، وهو في اعتقادي النموذج الأنسب للمملكة لأنه يعني الاحتفاظ بالأصل من قبل الدولة مقابل تشغيله بصورة تجارية من قبل شركة متخصصة تعود بالخدمة الممتازة على المسافر وبالربحية العالية على المالك.

نقلا عن عكاظ