موسم الإعلانات السنوية يلعب دورا في اتجاه سوق الأسهم

03/01/2016 1
عبدالله الجبلي

أغلق سوق الأسهم السعودية تداولات الأسبوع المنصرم على تراجع طفيف بنحو 29 نقطة فقط أي بنسبة 0.4% بالرغم من أن الخسائر قد وصلت إلى حوالي 186 نقطة وذلك بفعل إعلان الميزانية العامة للدولة التي كشفت عن عجز متوقع للعام 2016م نتيجة ارتفاع المصروفات بالتزامن مع تراجع أسعار النفط التي أرى أنها ستستمر خلال العام الجديد، ويبدو أن القائمين على وزارة المالية لهم نفس التوقع وهذا ما جعلهم يرصدون الموازنة الجديدة بناءً على سعر متوسط بين 35- 40 دولارا للبرميل أي أقل بحوالي 10 دولارات عن موازنة العام الماضي، هذا بالإضافة إلى إعلان حزمة من التعديلات على أسعار الطاقة والكهرباء واستهلاك المياه وهذا يعطي انطباعا للمستثمرين بأن الدولة مقبلة على سنوات تقشّف ستلقي بظلال سلبية على أداء قطاع الأعمال في المملكة ومنها الشركات المدرجة في سوق الأسهم، لهذا رأينا مبادرة بعض الشركات المدرجة إلى إعلان الأثر المالي المتوقع لتلك التعديلات.

ورغم ارتداد السوق وتعويضه الكبير لخسائر جلسة الثلاثاء الماضي إلا ان ذلك لا يعني أن أثر الميزانية قد تلاشى بشكل كامل، بل سيمتد الأثر في نظري حتى نهاية الربع الأول من العام 2016م وذلك حتى يظهر الأثر المالي الحقيقي لتلك الموازنة وما حملته من تعديل لأسعار الطاقة والخفض المتوقع لإنفاق الدولة على مشاريعها والذي ستتضرر منه الشركات التي تعتمد بشكل كبير على المشاريع الحكومية.

هذا بالإضافة إلى أن موسم الإعلانات السنوية للشركات سينطلق ابتداءً من هذا الأسبوع والتي ستكون بلا شك أخبارا مؤثرة على الحركة السعرية للشركات خاصةً القيادية منها، ولهذا الأمر تبعاته على حركة المؤشر العام للسوق.

التحليل الفني

من الملاحظ أن المؤشر العام للسوق قام بكسر الدعم التاريخي 6,800 نقطة للمرة الثانية بعد أن قام بذلك منتصف شهر ديسمبر الماضي لكن هذه المرة بدون إغلاق، وهذا الأمر يوحي بأن السوق ربما يدخل في موجة ارتداد صاعدة قد تصل إلى مشارف 7,100 نقطة واختراق هذا الأخير والثبات فوقه يعني أن الصعود سيتواصل حتى مستويات 7,400 نقطة.

لكن في المقابل فإن العودة لما دون 6,800 نقطة سيلغي الفرضية الإيجابية السابقة وسيدعم توجه السوق نحو مسار هابط ربما سيلامس مستوى 6,200 نقطة.

لكن ما سيعزز من هذه الفرضية أو تلك في رأيي هو النتائج السنوية للشركات والتي سينطلق موسمها هذا الأسبوع والتي اتوقع أن تشهد تراجعا في مجملها نتيجة التراجع المتوقع لشركات قطاعي المصارف والصناعات البتروكيماوية، هذا بالإضافة إلى تحركات أسعار النفط خلال الأيام القليلة القادمة والتي لم تظهر على رسومه البيانية حتى الآن أية إشارات مؤكدة على انتهاء مسارها الهابط الحالي، وهذا الأمر يفتح المجال لمزيد من التراجعات خلال قادم الأيام.

أما من حيث القطاعات فأجد أن قطاع المصارف والخدمات المالية مازال يحاول جاهداً الوصول لمستوى 16,200 نقطة، واختراق هذا الأخير يعني أن المسار الصاعد سيستمر وستتفاعل معه المصارف بشكل ملحوظ، وهذا سيعطي دافعاً إيجابياً للسوق بشكل عام، لكن الفشل في الاختراق يعني أن هناك نية لاستئناف المسار الهابط من جديد وتسجيل قيعان تاريخية جديدة على الرسم البياني للقطاع.

لكن قطاع الصناعات البتروكيماوية يختلف عن سابقه، فالهبوط المتواصل عليه على مدى الأسابيع الخمسة الماضية جعل البيوع تصل إلى مستويات التشبع، وهذا يوحي بأن القطاع نجح في احترام دعم 4,200 نقطة وأنه بصدد التوجه حتى مقاومة 4,600 نقطة، والحركة السعرية حين الوصول لتلك المقاومة ستكون مهمة جداً وواجبة المراقبة بشكل دقيق؛ لأن اختراقها والثبات أعلى منها يعني استمرار الصعود بوتيرة أسرع من السابق، أما الفشل في الاختراق فيعني أن المسار الهابط سيعود من جديد وأن القطاع سيفقد مستويات 4,000 نقطة ولهذا الأمر تبعات سلبية على القطاع، بل وعلى السوق بشكل عام.

أما من حيث القطاعات الإيجابية لهذا الأسبوع فهي قطاعات الطاقة والتأمين والاستثمار المتعدد والتطوير العقاري والفنادق.

من جهة أخرى فإن القطاعات المتوقع أن يكون أداؤها سلبياً هي قطاعات الاسمنت والتجزئة والزراعة والاتصالات والاستثمار الصناعي والتشييد والبناء والنقل والإعلام.

أسواق السلع الدولية

أغلق خام برنت تداولات العام 2015م على تراجع بنحو 20.74 دولار للبرميل أي بنسبة 35.74%، وهذه الأرقام تعكس مدى الخسارة الكبيرة لأسواق الطاقة العالمية والتي انعكست سلباً على أداء النمو العالمي والذي تراجعت التوقعات بشأنه، وربما إذا ما استمرت أسعار النفط على هذا المسار أن ينقلب النمو العالمي إلى انكماش وهذا يعني أن اقتصاديات العالم ستعاني كثيراً جرّاء هذا الأمر.

أما إذا ما أخذنا في الاعتبار أسعار الإغلاقات الشهرية لخام برنت كما هو موضح في الرسم البياني فإن هذا يشير إلى أن الوضع الحالي للخام أسوأ من أداء 2008م والذي شهد أزمة مالية عالمية، وأرى أن الأسعار مازالت مرشحة للهبوط بشكل أكبر ولا يمنع ذلك من وجود ارتدادات فرعية صاعدة، لكن ذلك لا يلغي المسار الهابط الرئيسي.

أيضاً أجد أن خام نايمكس يعيش نفس الوضع لكن بصورة أقل حدة، وربما كان للتقارير الصادرة من وزارة الطاقة الأمريكية والتي طالما سعت إلى التخفيف من حدة التشاؤم بشأن مستقبل أسعار الخام الأثر الأبرز في عدم تراجع الخام بنفس وتيرة سابقه.

وقد كانت وزارة الطاقة الأمريكية أشارت إلى أن الأسعار ستعود للتعافي خلال العام الجديد معللةً ذلك بتراجع الاحتياطيات النفطية لدى الولايات المتحدة الأمريكية، لكن من الناحية الفنية فان بقاء الخام دون مستوى 40 دولارا للبرميل يعني أن المجال ما زال مفتوحاً لمزيد من التراجعات.

في المقابل أجد أن أسعار الذهب أنهت تداولات العام 2015م على تراجع مقبول بنحو 124 دولارا للأونصة أي بنسبة 10.4%، وهذا تراجع يمكن فهمه في ظل تراجع مشتريات أكبر المستثمرين خلال العام المنصرم خاصةً الصين والهند نتيجة دخول الصين في أزمة اقتصادية داخلية وتوقعات الهند بمزيد من التراجعات للمعدن الأصفر.

ويبقى الذهب متماسكاً فوق مستوى 1,000 دولار للأونصة، لكن لا يمكن الجزم بانتهاء المسار الهابط دون اختراق المقاومات التاريخية 1,200 – 1,400 دولار على التوالي.

أسواق الأسهم العالمية

من خلال الرسم البياني لمؤشر داو جونز الأمريكي أجد أن الحيرة بلغت ذروتها بين المتداولين وذلك بعد أن انحسرت التداولات بين 17,000 نقطة و 18,000 نقطة خلال الأشهر الثلاثة الماضية، وهذا يشير إلى مدى قوة الصراع الدائر بين قوى البيع وقوى الشراء، لكن في رأيي أن ما دامت التداولات دون مستوى 18,000 نقطة فما زال السيناريو السلبي هو القائم وأن المؤشر الأمريكي الأشهر بصدد التوجه نحو مشارف 16,200 نقطة كمرحلة أولى وربما يكون لتراجع أداء شركات القطاع النفطي دور كبير في ذلك الأمر.

أما مؤشر الفوتسي البريطاني فلا يزال يحاول العودة فوق مستوى 6,400 نقطة لكن جميع محاولاته باءت بالفشل حتى الآن، وهذا يشير إلى أن سوق لندن بصدد كسر الدعم الأهم في المرحلة الحالية عند 5,900 نقطة، وفي تلك الحالة سيتسارع الهبوط حتى مشارف 5,500 نقطة ما سيجعل الشركات المدرجة تفقد الكثير من قيمتها السوقية.




نقلا عن اليوم