انطلاقة ناعمة لا تُنهي مهمة الاحتياطي الفيدرالي

20/12/2015 1
محمد عبد الله العريان

يستحق الاحتياطي الفيدرالي المديح لنجاحه للمرة الثانية بإجراء مرحلة انتقالية مخادعة بدون أن يسبب العراقيل للأسواق المالية وخلق الكثير من المخاطر للاقتصاد الحقيقي.

ستتطلب ديمومة هذا النجاح أكثر من مجرد صنع سياسة تستمر بالاستجابة للبنك المركزي، وأكثر من ذلك يعتمد على السياسة المالية والإصلاحات البنيوية في الولايات المتحدة الأمريكية.

وكذلك مقدرة الأسواق المالية على تسوية الخلافات بين سياسة الاحتياطي الفيدرالي وبين تصرفات البنوك المركزية العامة وفق الأنظمة (على الخصوص البنك المركزي الأوروبي وبنك اليابان والبنك الشعبي في الصين).

في أغسطس 2010، انطلق الاحتياطي الفيدرالي من سياسات هدفت لتطبيع الأسواق المالية بجعلها أفعالاً تسمح له أن يحقق مداخيل اقتصادية كبرى واسعة بإشارة يد تقريباً.

وعندما بدأ هذا التغيير، شككتُ أن من المُتوقع انسحاب مسؤولي الاحتياطي الفيدرالي عميقاً جداً باتجاه معايير سياسة تجريبية، أو من أجل هذه المبادرات ليدوم ذلك بقدر ما فعلوا.

وعند حد تورط البنك في سياسات غير تقليدية، أصبح واضحاً أن هناك قلقا متزايدا عن إذا كان من الممكن إخراجهم دون أن يسبب ذلك مشكلة فورية في السوق.

وضُخمت هذه الهموم بعاملين:

يستمر الاحتياطي الفيدرالي بكونه «اللعبة الوحيدة في المدينة».

فهو يتلقى دعماً قليلاً من هيئات صناعة السياسات الأخرى كقطبية سياسية في الكونجرس الذي يشل كل السياسة المالية والإصلاحات البنيوية.

فذلك كان يتطلب من الاحتياطي الفيدرالي أن يستمر بحمل عبء السياسة الضخم على الرغم أنه لا يملك الأدوات المناسبة الأفضل للمهمة.

استجابت الأسواق لما سمي بـ «الغضب المتناقص» في مايو- يونيو 2013م بعدما أشار عضو هيئة الاحتياطي الفيدرالي «بين بيرناك» في 22 مايو الى أن الهيئة ستخفض تدريجياً دعمها للاقتصاد عن طريق برنامجه للتيسير الكمي المنهمك ببيوع للأمن ضخمة-المعدل.

فلحوالي ستة أسابيع بعدما ذكر «بيرناك» الرغبة بالتناقص، تشتت الأسواق إلى نموذج سلوكٍ فوضوي والذي محا تريليونات الدولارات من القيمة، وتحدى تشغيلهم الفعال.

والفضل يعود إلى التجريب أكثر، والاختبار الشامل لأدوات السياسة، والكثير من الاتصالات - بعضها فعال جداً، وبعضها أقل فعالية- فقد نجح الاحتياطي الفيدرالي في الإصلاح الأول من برنامج التيسير الكمي يوم الأربعاء وكان قادراً أن يرفع معدلات الفائدة لأول مرة في حوالي عشر سنوات.

وكما لاحظت عضو هيئة الاحتياطي الفيدرالي «جانيت يلين» هذا الأربعاء، يشير هذا القرار التاريخي إلى نهاية فترة سبع سنوات غير عادية من معدل صناديق الاحتياطي الفيدرالي التي تقترب من الصفر.

وقد كانت هذه الإشارة على نحو من الأهمية مصاغة بخلاصة حمائمية، وتتضمن تأكيداً متكرراً أن هذا سيكون التشديد الأكثر تحرراً في تاريخها المعاصر.

وإذا تُرك اقتصاد الولايات المتحدة لأجهزته الخاصة، فإن الاحتياطي الفيدرالي سيتلقى فرصة جيدة لإكمال عملية تطبيع السياسة بدون ضغط اقتصادي ومالي باهظ، لكن بدون دعم هيئات صنع السياسة الأخرى، إذ ينبغي على البنك المركزي أن يتصرف في سياق من نمو منخفض وضغط على فعالية النمو المستقبلي.

وسوف يراقب المخاطر على الاستقرار الاقتصادي على قاعدة من تقييمات السوق غير الفعالة بما يكفي من السرعة بتحسين الأساسيات.

ويجد الاحتياطي الفيدرالي نفسه يعمل ضمن بيئة عالمية سائلة وغير عادية، تتصف بنمو مضاعف السرعة وعدم يقين سياسي غير عادي، والآن موضوع لاختلافات السياسة المالية ضمن البنوك المركزية الأكثر تأثيراً.

مع التقسيمات السياسية المانعة لنماذج أخرى عن ضبوط السياسة من إصلاحات هذه الاختلافات بطريقة ناعمة، ويهبط الدور بشكل رئيسي إلى الأسواق المالية والتي لديها أقل كثيراً من السيولة الموروثة هذه الأيام.

ويستمر قرار المعدل بخطوة أكثر أهمية في تطبيع السياسة النقدية بعد صدمة الأزمة المالية العالمية. ولكنها ليست مناسبة للاحتياطي الفيدرالي، أو لأي شيء آخر، للتصريح «بمهمة منجزة».

ويبقى الطريق إلى الأمام مخادعاً بالنسبة للاقتصاد العالمي.

نقلا عن اليوم