مستقبل وقود السيارات بين التطوير والمأمول

03/12/2015 0
م. برجس حمود البرجس

سبق أن تحدثت عن تحديات وفرة النفط الصخري والتكنولوجيا التي تستطيع استخراجه، وتحسينها وتطويرها مستقبلا، وتطرقت إلى البدائل وتوجه الصناعات.

تسير حاليّا على طرقات الولايات المتحدة الأميركية أكثر من 16 مليون سيارة تعمل على وقود E85 وهو مزيج (85 % من الإيثانول وهو من زيوت الذرة، وبقية الـ15 % من البنزين)، وهذا كان أحد الخيارات لتقليل الاعتماد على النفط كوقود للسيارات، ولكنه واجه مشكلة التحدي مع الغذاء والماء، ولذلك بقي كما هو ولم يتم التركيز على تطويره، أيضًا لسبب آخر وهو بوادر جدوى النفط والغاز الصخري.

وحاليًا، لا تزال 16 مليون سيارة في أميركا تعمل على وقود E85 أو ما يسمى بالوقود الحيوي، طبعًا تطويره سيكون خيارا مستقبليا، وأيضا هناك M85 وهو شبيهه ولكن يعمل بالميثانول من الغاز الطبيعي ومنه الغاز الصخري. 

تبقى خيارات E85 وM85 التي تعتمد على الإيثانول والميثانول قائمة مع وقف التنفيذ نظرا لوفرة النفط التقليدي بسبب النفط الصخري، ومتى ما أصبح ذلك غير مجد ربما يتم الاستعانة بالغاز الصخري والمتوفر بكثرة لينتج منه الإيثانول والميثانول، فهو بكل تأكيد لن يواجه تحديات الطلب على الغذاء والماء كما سبق ذكره، وأيضا أفضل بكثير وأوفر من استيراد نفط "أوبك".

أما التحدّيات الأخرى، فهي البدائل للنفط، فهناك السيارات التي تعمل على (الكهرباء)، فمتوقع أن تعمل 70 مليون سيارة في العالم على الكهرباء عام 2040، البديل الآخر والأكثر تأثيرا هو (الهايبرد) أو ثنائي الوقود (كهرباء كوقود أساسي، وبنزين كوقود تشغيلي) الذي تتوقع الدراسات وجود أكثر من 600 مليون سيارة تعمل على الهايبرد في 2040. 

وهنا يعلق البعض بأن هذا سيضغط على الطلب على استهلاك الكهرباء ووقودها، ولكن مع الاكتشافات الكبيرة للغاز الصخري (الذي هو أكثر من النفط الصخري بأضعاف) والطاقة المتجددة وتطوير الطاقة الشمسية والذرية، لن تكون هناك عوائق لهذه الأنواع من الوقود التي ستشارك النفط كمصدر أساسي لوقود السيارات. 

وهناك تحدٍ لا يقل أهمية عن سيارات الكهرباء والهايبرد وهو تحسين أداء محركات السيارات، حيث تستهلك وقودًا أقل لتقطع مسافات أكثر، فمثلا أداء محركات السيارات تحسن كثيرًا ووصل إلى 33% أفضل من أدائه قبل 20 عاما لبعض السيارات، فهناك سيارات كانت تستهلك 15 لترا من البنزين لكل 100 كم وأصبحت الآن تحتاج فقط لـ10 لترات لتقطع المسافة نفسها، وتعمل الشركات المصنعة للسيارات على تحسين أداء المحركات كي تستهلك السيارات فقط 5 لترات لقطع نفس المسافة 100 كم.

هذا يعني أن كمية البنزين التي كانت تُستهلك لسفر السيارة من جدة إلى ثُلثي الطريق إلى الرياض قبل 20 سنة، أصبحت الآن تسير من جدة إلى الرياض بنفس كمية الوقود، أما بعد 20 سنة، فنفس الكمية ستوصل السيارة من جدة إلى الدمام.. هذا سيخفف من ارتفاع الطلب على البنزين بسبب زيادة عدد السكان والسيارات.

ويعزى كثير من التحسن لتخفيف وزن السيارة، وغالبية السيارات المستقبلية ستكون من السيارات الصغيرة ذات الكفاءة العالية في استهلاك الوقود إضافة إلى استبدال الحديد بالألمونيوم وأيضًا تخفيف قوة المحرك، فسياراتنا مؤهلة للسير بسرعة أكثر من 200 كم بالساعة والمفترض ألا نستخدمها بسرعة أعلى من 120 كم بالساعة، فربما تعمد المصانع لعدم تضخيم المحركات طالما أن السرعة العالية من المفترض ألا تُستخدم.

مع زيادة عدد السيارات هناك مجهودات وأنظمة لتقليل التأثر البيئي من عوادم تلك السيارات، وجميعها يصب في تحسين أداء المحركات.

أخيرًا، تركز خطط صناعات السيارات على تصنيع السيارات ذات الأحجام الصغيرة والمقاعد الأقل، فسيكون التركيز على حساب الزوائد بما أن الحاجة لها قليلة، فالكثير يستخدم سيارات صنعت لنقل 5 أشخاص (سيارات السيدان العادية)، وتستخدم لشخص واحد لأكثر من 80% من المشاوير، فثقافة الدول الأخرى (خصوصا) الصين والهند ستختلف كثيرًا وتبحث عن الأرخص، وكذلك الدول المتقدمة.

طبعا، هذه التقلصات بالأحجام والمواصفات ستبقي أسعار السيارات في متناول الكثير لضمان استمرارية بيع السيارات، وبالتالي ستخفف من زيادة الطلب على الوقود نسبة لعدد السيارات.

لا شك أن الدول المستوردة والأكثر استهلاكا للنفط هي الأكثر قلقاً على مستقبله ووفرته واستقرار أسعاره، وهذه الدول أساسا متقدمة في التطوير التكنولوجي وتعمل جاهدة على بدائل النفط بأنواعه، فبقاء الدول المصدرة للنفط معتمدة على تصديره لن يشفع لها في مواجهة التطور التكنولوجي.

نقلا عن الوطن