تطورات أسعار النفط وانعكاساتها على الميزانية العامة

06/09/2015 0
بشير يوسف الكحلوت

انخفض سعر نفط الأوبك في شهر أغسطس الماضي إلى 45,5 دولار للبرميل، وهو أقل سعر للخام في السنة المالية 2015 التي بدأت في الأول من أبريل. وبذلك يكون متوسط السعر في خمسة شهور نحو 55,9 دولار، وهو ما يقل عن السعر التأشيري المعتمد في الموازنة بنحو 9,1 دولار للبرميل.

ومع أن سعر القياس لنفط الأوبك يقل بنحو 2 دولار للبرميل عن نفط قطر البري، إلا أن بقية الخامات القطرية ومنها البحري تقترب من سعر قياس الأوبك.

كما أن أسعار الغاز المسال وسوائل الغاز ليست مرتبطة بسعر الأوبك، ولذلك سنغض النظر في هذا المقال عن الفروقات الناتجة عن اختلاف الأسعار الحقيقية للزيوت والغازات القطرية عن سعر الأوبك. 

وبافتراض أن  سعر قياس الأوبك قد ظل مستقراً بقية شهور السنة الأربعة حتى نهاية ديسمبر القادم عند هذا المستوى المتدني –الذي هو أدنى مستوى تقريباً منذ يناير الماضي-، فإن السعر المتوسط للشهور التسعة للعام 2015 ينخفض إلى 51,2 دولار للبرميل، أما إذا حدث انخفاض جديد في سعر قياس الأوبك إلى 40 دولاراً للبرميل في الشهور الأربعة القادمة، فإن السعر المتوسط لتسعة شهور ينخفض في هذه الحالة إلى 48,8 دولار للبرميل, وفي السيناريوهين المشار إليهما يكون هناك انخفاض عن السعر المعتمد في الموازنة يعادل 13,8 دولار  للبرميل في الأول و 16,2 دولار للبرميل في الثاني.

أي بنسبة  21,2% في الأول و 24,9% في الثاني. وعلى ضوء البيانات الصادرة عن وزارة المالية عن تقديرات الإيرادات للعام الحالي2015، فإن انخفاض أسعار النفط على النحو المشار إليه سيؤدي إلى انخفاض في إيرادات النفط والغاز بما يتراوح ما بين 25-29 مليار ريال، ويتحول الفائض المقدر بنحو 5,4 مليار  ريال إلى عجز ما بين 20-24 مليار ريال، في عام 2015.

هذا العجز سيكون الأول من نوعه منذ  أكثر من 10 سنوات، حيث حققت الميزانية العامة فوائض مالية كبيرة في السنوات السابقة، حيث بلغت على التوالي في الخمسة الأخيرة : 123,5 مليار ريال في العام المالي 14/2015، ونحو 105,2 مليار ريال في العام 13/2014، و 78,7 مليار ريال في العام 12/2013، و 42,7 مليار ريال في العام 11/2012، و 9,5 مليار ريال في العام 10/2011، أي بما مجموعه 359,6 مليار ريال في 5 سنوات.

وبالمحصلة فإن عجز محدود في سنة واحدة لن يقض مضجع دولة كقطر تصنيفها الإئتماني AA الذي يُعتبر ثالث أقوى تصنيف في سلم تصنيفات وكالة فيتش، بما يؤهلها للاقتراض أو إصدار سندات بأقل تكلفة، وهو ما أعلن عنه محافظ مصرف قطر المركزي في الأسبوع الماضي عندما أشار إلى نية قطر لطرح سندات بقيمة 15 مليار ريال. 

فإذا سارت الأمور على النحو المشار إليه أعلاه من استمرار اسعار النفط منخفضة كما في السيناريوهين المشار إليهما أعلاه، فإن حصيلة السندات المقترحة، مع ضبط وترشيد بنود الإنفاق المقدر بنحو 163,8 مليار ريال، سيكونا كافيين لتلبية التزامات الميزانية. ولن تكون هناك حاجة بالتالي لتسييل أي من استثمارات قطر في الداخل أو الخارج.

وبالنظر إلى أن سعر نفط الأوبك قد وقف عند مستوى 44,5 دولار للبرميل في يناير، وعاد إلى نفس المستوى في أغسطس، ثم ارتفع عنها ثانية مؤخراً، فإن هذا- في التحليل الفني-يؤشر إلى احتمال عودة صعود أسعار النفط في الشهو القادمة وليس انخفاضها،،، بتأثير توازنات العرض والطلب العالمي على النفط.

ومع ذلك لا يزال لدينا بعض الوقت، أو نحو ثمانية أسابيع قادمة لمعرفة اتجاهات الأسعار المحتملة للنفط للعام 2016؛؛ فإذا تماسكت الأسعار وعادت للارتفاع واقتربت من مستوى 65 دولاراً للبرميل أو تجاوزته، فلن تكون هناك مشكلة عجز مؤثر للموازنة في قطر، أو لن تظهر حاجة لإصدار المزيد من السندات، فضلاً عن تسييل مدخرات. وسنعود إلى هذا الموضوع ثانية في مقال آخر، وخاصة إذا استمر انخفاض أسعار النفط، بأكثر من المتوقع.

وهناك العديد من الاقتراحات التي يمكن طرحها لمواجهة الموقف ومنها بيع المزيد من  أسهم القطاع الحكومي كثيري للقطاع الخاص وإدراجها في بورصة قطر، وإعادة النظر في بعض الخدمات والأنشطة الحكومية التي تم استحداثها في سنوات الطفرة، والعمل على ضبط انفلات أسعار العقارات والإيجارات حتى لا تضغط باتجاه رفع النفقات الحكومية

ويظل في بعض ما كتبت رأي شخصي قد يحتمل الخطأ، والله جل جلاله أعلم.