لماذا لا تنخفض أسعار الوقود عالميًا مع تراجع أسعار النفط؟

01/09/2015 2
عمر المنيع

يتساءل البعض وخصوصًا المبتعثون للدراسة خارج البلاد عن سبب عدم انخفاض أسعار الوقود بمعدل يوازي الانخفاض في أسعار النفط، فمنذ شهر يونيو ٢٠١٤ وحتى تاريخ كتابة المقال في نهاية شهر أغسطس ٢٠١٥ انخفض سعر برميل النفط بمقدار ٦٠٪ تقريبًا، في حين أن أسعار الوقود للمستهلك النهائي انخفضت بنسبة ٣٠٪ تقريبًا في أمريكا (يختلف من ولاية إلى أخرى)، وبنسبة ١٨٪ فقط في بريطانيا، وفي كندا أيضًا انخفضت أسعار الوقود خلال نفس الفترة بنسبة ٢٨٪ (يختلف من مقاطعة إلى أخرى).

للوهلة الأولى قد يظن البعض أن هذا بسبب طمع التجار، وإن كان هذا واقعًا إلا أنه لا يعد سببًا رئيسًا على الرغم من أن إحدى الاستقصاءات وجدت أن ارتفاع أسعار النفط العالمية تنعكس على ارتفاع سعر الوقود على المستهلك النهائي في أمريكا خلال ٤ أسابيع، في حين يستغرق ذلك ٨ أسابيع عند الانخفاض، وهنا يستغل التجار هذه الفروقات لصالحهم.

في الواقع أن السبب الرئيس في انخفاض أسعار الوقود بمعدل أقل من انخفاض سعر النفط الخام هو أن سعر النفط يشكل جزءًا من مجموعة من التكاليف التي يتحملها التاجر حتى تصل السلعة إلى المستهلك النهائي، كتكلفة النقل والإيجار والرواتب والضرائب وغيرها، هذه التكاليف تبقى ثابتة بغض النظر عن تقلبات أسعار البترول، ومع ذلك قد يظن القارئ بأن هذه التكاليف ليست عالية بما يكفي حتى تقلل من أثر انخفاض أسعار النفط على أسعار الوقود للمستهلك النهائي، ولكن يكفي بأن يعلم أن الضرائب لوحدها تشكل ٢٠٪ من تكلفة الوقود على المستهلك النهائي في أمريكا، في حين أن هذه النسبة ترتفع إلى ٣٥٪ في كندا، وإلى ٧٠٪ في بريطانيا!

من يعيش في بريطانيا قد يستغرب ذلك إذ أن الضريبة المعروفة على الوقود في بريطانيا هي ٢٠٪ ولكن هذا غير صحيح، فهناك ضريبة أخرى ثابتة بمقدار ٥٨ بنسًا للتر الواحد تسمى بضريبة المحروقات (Fuel Duty) بالإضافة إلى ضريبة القيمة المضافة ٢٠٪. 

فإذا قلنا إن المستهلك في بريطانيا يدفع ١١٥ بنسًا للتر الواحد، فهذا يعني أن ٨١ بنسًا منها تذهب للحكومة البريطانية (٥٨ ضريبة ثابتة + ٢٣ ضريبة الـ٢٠٪). وبذلك يتضح أن الضريبة تعتبر السبب الرئيس في عدم انخفاض أسعار الوقود بمقدار انخفاض أسعار النفط الخام.

السبب الآخر لبعض الدول كبريطانيا وكندا هو انخفاض عملاتها أمام الدولار الأمريكي، حيث إن النفط يتم بيعه بالدولار، وبالتالي فإن انخفاض الجنيه الاسترليني والدولار الكندي مقابل الدولار الأمريكي يجعل تكلفة النفط أعلى على المشتري البريطاني والكندي.

بالأرقام، انخفض الجنيه الاسترليني مقابل الدولار الأمريكي بنسبة ١٠٪ من شهر يونيو ٢٠١٤ وحتى نهاية اغسطس ٢٠١٥، كما انخفض الدولار الكندي مقابل نظيره الأمريكي بنسبة ١٨٪ خلال نفس الفترة.