هل هناك قلق على الريال في المرحلة الحالية؟

23/08/2015 16
خالد أبو شادي

الأمر يتعلق بالنفط وتحركه في النهاية، ربما تكون هذه المحصلة التي يجب التركيز عليها في الحديث عن التقارير التي تصدر عن المملكة في الوقت الراهن، فقد صارت تحت دائرة الضوء أكثر وأكثر وهذا طبيعي كونها أكبر مصدر عالمي للنفط الخام.

بداية سيجد المتابع للشأن الاقتصادي سيلا من التقارير خصوصا من المؤسسات وبيوت الخبرة الأجنبية عن توقعات ما سيحدث للسعودية مع هبوط أسعار النفط، ويجب أن يكون الجميع مهيأون لذلك، حيث سيجدون ما لا يعجبهم، وما هو منطقي، وما هو منافي للحقيقة، وما هو مغرض.

وفي خطوة لم يسلط عليها الضوء كثيرا، أعلنت كازاخستان في العشرين من الشهر الجاري ترك عملتها "التينغ" لقوى السوق كي تحدد قيمتها عن طريق التعويم، مما دفعها لتهوي بأكثر من 20% أمام الدولار.

يبدو الأمر منطقيا  . لماذا؟

كازاخستان تعد المصدر الأكبر للنفط في منطقة آسيا الوسطى، وتراجعه الحاد أثر سلبا عليها، وما فاقم من صعوبة الأمر خطوة بنك الشعب الصيني بخفض قيمة اليوان، والصين مع روسيا تعدان من أكبر شركائها التجاريين.

ولأن روسيا عانت العام الماضي من تراجع حاد في عملتها الروبل، فقد ضغطت هذه العوامل مجتمعة على الدولة الآسيوية التي أنفقت ما يناهز 28 مليار دولار للدفاع عن عملتها خلال العامين الحالي والماضي.

وفي النهاية رضخت كازاخستان للضغوط مع تراجع مدخولها نتيجة هبوط أسعار النفط وتركت "التينغ" للسوق بعد دفاع مستميت عنه.

وعلى إثر ذلك أصدرت وكالة "بلومبرج" تقريرا عن عشر عملات" ربما" تتعرض لما تعرضت لها عملة كازاخستان من هبوط حاد كنتيجة لخفض قيمة اليوان كلها من عملات الأسواق الناشئة.

وضم التقرير عملات "أخوات" كازاخستان :قيرغيزستان، تركمانستان، وطاجاكستان، بجانب أرمينيا، تركيا، نيجيريا، غانا، زيمبابوي، وكذلك مصر والسعودية.

وعلى الرغم من وجود أسباب داخلية مؤثرة على تحرك كل عملة من الدولة المذكورة، بجانب ضغط خارجي من خطوة الصين، إلا ان هناك بعض التفاوت الواضح في القائمة المذكورة.

ويهمنا هنا التركيز على الريال السعودي الذي اتضح الضغط عليه في تعاملات العقود الآجلة أمام الدولار في الثاني عشر من الشهر الجاري ليهبط عند أدنى مستوياته في 12 عاما أمام الدولار، والذي أرجعته كل التقارير يومها تقريبا لبيع الحكومة سندات بقيمة 20 مليار ريال ضمن سلسلة اصدارات لسد عجز الموازنة.

للأسف كان هذا السبب الظاهر، لكن خلف الكواليس تراجع النفط هو المؤثر الحقيقي، وهو ما اتضح مع خلال الأيام القليلة التالية، وزيادة الضغط على النفط الذي هبط دون 40 دولارا مما يعني تفاقم عجز الموزانة.

وقد يتسبب تضمين التقرير سالف الذكر للريال السعودي في قائمة العملات العشر –التي تحملها دولها تباينا كبيرا-في استحضارالبعض لنظرية المؤامرة على المملكة، لكن بالفعل فإن تحرك الصين جاء في توقيت صعب بالتزامن استعداد الأسواق العالمية للتجاوب مع الصدمات في ظل ضعف النمو الذي سيترك أثرا على عملات الأسواق الناشئة بل ترك بالفعل.

الوضع بالنسبة للريال مختلف فهناك ربط مع الدولار، بجانب وجود احتياطي كبير يتجاوز 660 مليار دولار يدافع عنه، وفي ظل التراجع الحاد الأسعار النفط الذي يعني تدهورا لعملات دول تعتمد عليه بشكل أساسي كمصدر للدخل ومن ثم تراجع قيمة تلك العملات إن لم يكن انهيار بعضها لا بد من تحرك.

وهذا التحرك يعني دفع البنك المركزي لإنفاق مليارات الدولارات دفاعا عن العملة بدلا من توجيهها للتنمية، حيث أن ضعف العملة يجلب آفة التضخم ومن ثم ترتفع تكاليف الواردات ويتحمل المواطن العبء الأكبر عند تلبية حاجاته.

لكن هاجس القلق الوحيد بالنسبة للريال يأتي من زيادة ضغط المراهنين على تراجع الريال أمام الدولار في تعاملات العقود الآجلة كنوع من التحوط مع هبوط النفط ، وهو مبرر للمستثمرين لكن في المقابل لا توقع بفك ربط الريال مع  الدولار أو وجود خوف من زيادة الضغط لحد تخفيض قيمته.

أيضا تخفيض التصنيف الإئتماني للمملكة، وهي خطوة متوقعة مع تواصل هبوط النفط ستزيد الضغط على العملة، وهي خطوة عادة ما يتبعها تخفيض تصنيف البنوك الكبرى، وبالتالي ستطلب تلك البنوك علاوة مخاطر اضافية عند شراء السندات الحكومية.

الأمر يتعلق بالنفط وتحركه في النهاية، فتواصل هبوطه يعني مزيدا من الضغط، وسيفاقم الأمر كثيرا تحرك البنك الشعب الصيني مجددا لتخفيض اليوان بعد تواصل صدور تقارير سلبية كان آخرها يوم الجمعة عن ضعف نشاط المصانع لأدنى مستوى في ست سنوات ونصف.