هل البنوك خارج القانون ؟

10/08/2015 6
عاصم العيسى

وليكن العنوان أدق : هل البنوك خارج القانون أحياناً ؟ الجواب : نعم . ومعنى ذلك أنها خارج القانون، حيث لا يصُح أن يكون تطبيق النظام انتقائياً !

يعتقد البعض من الناس والمسؤولين , أن البنوك دقيقة في تعاملاتها, شديدة النظامية, وأن المحاسبة والرقابة عليها صارمة دقيقة .

ولكني مع الأسف - ومن خلال عملي لسنوات عديدة مستشاراً في لجنة المنازعات المصرفية - اطلعتُ على جوانب عديدة مظلمة في أعمال البنوك في المملكة, بالإضافة حتماً إلى الجوانب المُضيئة .

أكتبُ ذلك تعليقاً على ما نشرته صحيفة "مكة" من أن أحد البنوك السعودية لم يمتثل إلى قرار قاضي التنفيذ , وفحوى ذلك هو عدم احترام حكم القضاء وتنفيذه ! إن صح الخبر .

ومرّ معي أن مجموعة مالية كبيرة (كامل مستندات ذلك لدي) تتخلف عن تنفيذ قرار قضائي عمالي , مما دعا سمو أمير محافظة جدة إلى توجيه اللوم إلى البنك ومخاطبة مؤسسة النقد العربي السعودي لتوجيه البنك للامتثال إلى الحكم القضائي وعدم الإضرار بالعامل .

مرّ معي أن موظفاً لدى بنك سُرق مكتبه, وهو يدعي أن مسؤوليه من سرقوا مكتبه, فتقدم بشكوى أمام الشرطة, فلم تستقبل شكواه, بحجة أن الشُرط غير مختصة بدخول البنوك لمعاينة مثل هذه الجريمة, وأن الاختصاص لمؤسسة النقد, والتي بدورها غير مختصة بالتحقيق الجنائي في مثل تلك القضايا !!

مرّ معي, الفوضى في تنازع الاختصاص, ولجوء البنوك تارةً إلى اللجنة المصرفية وتارةً إلى قاضي التنفيذ للمطالبة بالسند لأمر الممنوح ضماناً للدين, دون أي نظر لموضوع الخلاف الذي يجمع بين الطرفين, بل وضغط البنوك على عملائها باستحصال أمر تنفيذي بناءً على السند لأمر, دون إمهال العميل لتقديم دعواه في أصل الموضوع إن كان له مبررات صحيحة على خلاف حقيقي, مثل الخلاف على خطأ بنكي أو تزوير على العميل أو تسييل محفظته الاستثمارية بالمخالفة للعقد أو من غير إشعار, وغير ذلك من موضوعات الخلافات الكثيرة بين البنوك وعملائها, والتي تستوجب نظرها قضاءً, لا أن تتسلط البنوك بسلطتها الأحادية على العملاء .

يعتقد البعض أن الناس مماطلة في سداد مديونيات البنوك, وأن النزاعات مع البنوك سببها الوحيد ذلك , وهو أمر يخالف الواقع والحقيقة , إذ جميع موضوعات الخلافات بين البنوك وعملائها موجودة .

مرّ معنا قبل أسبوعين , تعليقنا على موضوع "العقار ليس للبيع", وذلك بشأن بيع أحد البنوك لعقار مُفرغ باسم المصرف على سبيل الرهن , ثم امتثال الشركة العقارية لإزالة لوحتها, ثم إصرار البنك إلى الإعلان عن بيع عقارات للعميل أخرى مرهونة للبنك, والخلاصة :

أن البنوك لا تمتثل إلى إجراءات بيع العقار المرهون المقررة نظاماً, وتتصرف بأحادية, من غير رقيب ولا رادع, بل وحتى من غير تشريع وتنظيم واضح يُحدد لها آلية بيع العقار المرهون لديها , مع ملاحظة أن العقارات تُنقل باسم البنوك إفراغاً كاملاً , رغم إن حقيقة هذا الإفراغ هو رهن, مما أعتقد أنه غير موجود إلا في بلادنا المصونة!!

ومرّ معي الكثير , ما ليس مكانه جميعاً في هذا المقال, مما يُحتم بوضوح : أهمية حماية عملاء البنوك من تعسف البنوك كما حماية البنوك من مماطلة المدينين.

ويُحتم أهمية إلزام البنوك باحترام الأنظمة والقضاء , بل مساءلتها متى ما قصرت في ذلك , إن كنا نريد لبنوكنا المصداقية ولنظامنا الهيبة والتطبيق , حماية للبنوك والعملاء والاقتصاد معاً.