الأسلوب الإماراتي لإصلاح نظام تحفيز الطاقة لا يناسبنا

04/08/2015 6
د. عبدالرحمن محمد السلطان

الأمر الذي لا شك فيه مطلقًا هو استحالة استمرار سياسة تحفيز استهلاك الطاقة الحالية في المملكة والحاجة الماسة إلى إجراء إصلاح شامل لبرامج التحفيز وخصوصًا برنامج تحفيز الطاقة بهدف رفع كفاءة وترشيد استهلاكها في القطاعات كافة، حيث إن لهذا التحفيز الدور الأساس مما نشهده من نمو في حجم الاستهلاك المحلي للطاقة ومن إسراف في معدلات الاستهلاك في كافة القطاعات.

فأسعار المشتقات النفطية محليًا هي الأقل على مستوى العالم باستثناء فينزويلا، في حين يحصل القطاع الصناعي على سوائل الغاز الطبيعي بسعر منخفض لا يتجاوز 75 سنتًا لكل مليون وحدة حرارية بريطانية، إضافة إلى تسعير متدنٍ لاستهلاك هذا القطاع من النفط الخام والغاز الطبيعي والمشتقات النفطية والكهرباء.

الأسلوب الإماراتي لإصلاح برنامج تحفيز الطاقة استهدف رفع كفاءة وترشيد استخدام الطاقة من خلال إنهاء تحفيز الطاقة بشكل كامل وتحرير أسواق الطاقة، إلا أن هذا الأسلوب ليس مناسبًا لنا في المملكة لسببين.

أولها:

إنه وفي ظل التدني الشديد في أسعار مصادر الطاقة وفي القطاعات كافة فإن من غير المجدي إجراء رفع تدريجي في أسعار مصادر الطاقة ولا بد من رفع أسعار مصادر الطاقة بنسب عالية جدًا تشجع بقوة على ترشيد ورفع كفاءة استهلاكها وهذا أمر غير وارد ولا ممكن.

والثاني:

إن تصحيح الأسعار يجب أن يشمل مصادر الطاقة كافة، ما يضمن ترشيد ورفع كفاءة استخدام مصادر الطاقة في القطاعات كافة دون استثناء، ما يعني أنه سيكون لرفع أسعار مصادر الطاقة تأثير سلبي هائل على ربحية المنشآت الصناعية ومستويات معيشة الأفراد بصورة تجعل مجرد إقرار مثل هذا الإصلاح أمرًا في غاية الصعوبة إن لم يكن مستحيلا.ً

وفي دراسة أجريتها مؤخرًا حول إصلاح نظام تحفيز الطاقة في المملكة توصلت إلى أننا في المملكة بحاجة إلى أسلوب إصلاح مختلف تمامًا يستهدف في مرحلته الأولى تحويل تحفيز الطاقة إلى تحفيز لمستهلكي الطاقة فقط، ثم تدريجيًا يتم إصلاح برنامج التحفيز إلى أن تحرر الأسعار وتنهى كافة أشكال تحفيز الطاقة.

ومن ثم لا بد أن يشتمل برنامج الإصلاح على تحويل نقدي يصرف وفق قواعد استحقاق مناسبة يترافق مع أحداث رفع كبير جدًا في أسعار الطاقة في كافة القطاعات، بهدف الحد من التأثير السلبي لهذا الرفع على مستويات المعيشة وربحية المنشآت.

أي أن نكتفي في المرحلة الأولى بتحويل التحفيز من تحفيز لاستهلاك الطاقة إلى تحفيز لمستهلكي الطاقة، وتدريجيًا يضع برنامج الإصلاح هيكلاً زمنيًا يضمن تخفيضًا تدريجيًا في مبلغ التحويل النقدي إلى مستهلكي الطاقة إلى أن يتلاشى تمامًا، ما يعطي مستهلكي الطاقة وقتًا كافيًا للتكيف مع الأسعار الجديدة لمصادر الطاقة لكنه يؤدي في نهاية المطاف إلى إنهاء كامل للتحفيز الحكومي لاستهلاك الطاقة.

فمقابل رفع أسعار مختلف مصادر الطاقة من نفط خام وسوائل غاز وغاز طبيعي ومشتقات نفطية وكهرباء بما يوصلها فورًا إلى معدلاتها العالمية، يتم تعويض المنشآت والأفراد من خلال تحويل نقدي يعادل الفرق بين تكلفة استهلاكهم من مختلف مصادر الطاقة في آخر عام قبل إقرار إصلاح نظام تحفيز الطاقة وبين ما ستتحمله ثمنًا للكميات نفسها وفق الأسعار الجديدة، لكن مع تخفيض تدريجي سنوي في مبلغ التحويل النقدي بحيث يتلاشى تمامًا بمرور فترة من الزمن، اقترحت أن تكون خمس عشرة سنة من بدء إطلاق برنامج الإصلاح، بعدها يصبح مختلف مستهلكي الطاقة في المملكة، متحملين لكامل تكلفة الطاقة التي يستهلكونها دون أي دعم حكومي.

نقلا عن الجزيرة