السكن والسعودة ومواردنا الطبيعية

23/07/2015 0
محمد عبدالله السويد

اعلنت الإمارات تحرير أسعار الوقود لديها واعتماد آلية تسعير متوافقة مع الأسعار العالمية، مشيرة إلى أن الهدف من هذه الخطوة الجريئة هو دعم الاقتصاد عن طريق حماية الموارد الطبيعية وترشيد الاستهلاك والمحافظة على البيئة، بالإضافة إلى تحرير الأسواق وتعزيز التنافسية محليا.

هذه الخطوة تعتبر استراتيجية خاصة في توقيتها، عقب الاتفاق النووي الإيراني والذي من المرجح أن يدخلها في المنطقة كمنافس تجاري. من الوهلة الأولى سيعتقد المتابع أن اسعار البنزين في الإمارات سترتفع وستكون طاردة للاستثمار، وهو طبعا غير صحيح بتاتا فأصحاب الأعمال سيكونون أكثر إبداعا في أعمالهم التجارية وتدور عجلة الابتكار بشكل أسرع.

أعتقد أن على قيادتنا حفظها الله التفكير جديا بتقليص وربما إيقاف سياسة الدعم الحكومي للقطاعين الخاص والعام والتوجه بشكل شبه كامل إلى تطوير وتحسين بيئات الأعمال Ecosystems في كافة القطاعات التنموية في البلد، وذلك لكي نستطيع حل مسائل اقتصادية معقدة كالسكن والسعودة، ولكي يتمكن الاقتصاد السعودي من النمو بشكل ذاتي بعيدا عن إيرادات النفط وأسعاره المتذبذبة.

الاهتمام في تطوير بيئات الأعمال لدى المؤسسات الحكومية ضعيف نسبيا فهو يعتمد بشكل أساسي على استيعاب قائد المؤسسة حجم أهمية ذلك واهتمامه لعملية تطويرها. على سبيل المثال، الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية "مدن" اتخذت في خطتها الاستراتيجية "مدن 2020" مسارا متفردا وذلك بالتركيز على بيئات الأعمال في المدن الصناعية، فأضافت مهاما جديدة على دورها الأساسي في تطوير الأراضي الصناعية وذلك بتحسين البيئات الاجتماعية والتجارية والقانونية داخل مدنها الصناعية، حيث يمكن مشاهدة ذلك بوضوح في مبادراتها الاستراتيجية.

في جانب آخر، نلاحظ أن مسألة السكن تحتاج إلى دعم كامل من وزارة البلدية إلى درجة التكامل شبه الكامل بين الوزارتين، فاعتماد وتنفيذ مخططات الأراضي للمدن والتخطيط العمراني الذي تحتاجه وزارة الإسكان لتنفيذ خططها هو من اختصاص وزارة البلدية، وهو ما يفسر تعطل خطط وزارة الإسكان طوال السنوات الماضية فاعتماد مخططات الأراضي من وزارة البلدية يأخذ وقتا طويلا يصل إلى عدة سنوات معرضا عدة أطراف لمخاطر الفشل.

إضافة لوزارة البلدية، تحتاج مسألة السكن إلى القطاع الخاص بكافة أقسامه، محليا ودوليا، بما فيها المطورين العقاريين، شركات المقاولات، البنوك، الشركات المالية، صناديق الاستثمار العقارية، مصنعي مواد البناء، المصممين المعماريين، .... الخ.

تطوير بيئات الأعمال لهذه الأطراف ذات العلاقة Stakeholders لا تحتاج إلى دعم مالي حكومي بل تحتاج إلى تنظيمات وقوانين ولوائح تنظيمية تسمح لها بالعمل وتساعد على تسهيل وتطوير منتجاتها. على سبيل المثال، حث الشركات المالية على إنشاء صناديق عقارية مفتوحة Open-end funds تقوم بدور إشرافي مساند لوزارة الاسكان على مشاريع الإسكان بكافة تفاصيلها وأعمالها الانشائية والتعاقدية.

أما بالنسبة لمسألة السعودة والبطالة المحلية فمسؤوليتها تتجاوز وزارة العمل، التي عملت مشكورة في تنفيذ برامج سعودة ساهمت بشكل غير مباشر بزيادة أجور السعوديين وقيامها لاحقا بتنفيذ برامج رقابية لمكافحة السعودة الوهمية لدى مؤسسات الأعمال السعودية.

بيئات الأعمال الحالية لا تشجع على السعودة، خاصة في ظل نمو اقتصادي ضعيف خلال سنة 2015 مع هبوط النفط، وتحتاج إلى دخول مؤسسات حكومية أخرى لتطويرها مثل هيئة سوق المال، حيث يمكنها أن تساهم بشكل فعال عن طريق زيادة عدد الشركات الجديدة محليا بإنشاء سوق موازي بقوانين إدراج أكثر مرونة تسمح بتداول أسهم المؤسسات الصغيرة والمتوسطة والجديدة.

مواردنا الطبيعية والمالية محدودة لذا أثق بأن قيادتنا الحكيمة ستضع هذه المسألة في الاعتبار عند التعامل مع المسائل الاقتصادية المهمة لبلادنا الحبيبة.

نقلا عن الرياض