كيف ينظمون استثماراتهم الدولية؟

06/07/2015 0
محمد العمران

بغض النظر عن اختلاف عقائدهم الدينية أو أفكارهم الاجتماعية، إلا أن هناك علاقة مشتركة يرتبط بها كبار المستثمرين حول العالم عند وضع الهيكل التنظيمي لاستثماراتهم الدولية تتمثل في إنشاء شبكة معقدة من شركات الاوفشور والأونشور والأوقاف بهدف تخفيض المخاطرة على نطاق واسع (يزداد تعقيدها بتعقد استثماراتهم جغرافيا أو قانونياً) إلى جانب تخصيص جزء من الأرباح المحققة كل عام للأعمال الخيرية او الإنسانية، فيما تكون هذه الشبكة المعقدة مملوكة أخيراً من قبل شركة قابضة أو شركة خاصة أو صندوق تحوط تحت تصرف المستثمر نفسه.

فعلى سبيل المثال، نجد أن المستثمر الشهير وارن بافيت يضع كل استثماراته الشخصية تحت مظلة شركته القابضة «بيركشاير هاثواي» ونجد أن المستثمر الشهير أيضاً بيل جيتس يضع كل إستثماراته الشخصية تحت مظلة شركته ذات المسؤولية المحدودة «كاسكيد الإستثمارية» ونجد أن المستثمر الشهير أيضاً جورج سوروس يضع كل إستثماراته الشخصية تحت مظلة صندوقه التحوطي «صندوق سوروس»، والملفت أنهم جميعاً يخصصون جزء كبير من أرباح إستثماراتهم هذه للأعمال الخيرية و الإنسانية وبنسب كبيرة تصل إلى 80 بالمئة من الأرباح كما في صندوق سوروس.

بحكم أن سويسرا تمثل مركز الثقل الدولي لودائع الأموال المصرفية ولتسجيل رؤوس الأموال الإستثمارية مع تواجد أكبر البنوك الإستثمارية العالمية، إلا أنه مع بداية عام 2015م قام المنظمون السويسريون (ممثلين بالبنك المركزي SNB وهيئة الرقابة على السوق المالية (FINMAبوضع ضوابط تنظيمية جديدة تحد من الإقتراض والحصول على الأبحاث/التوصيات وحرية حركة رؤوس الأموال الإستثمارية وخصوصاً تلك المملوكة للأفراد وللشركات الأجنبية، وبالتالي أصبح لزاماً على الأفراد والشركات الأجنبية إعادة تنظيم ودائعهم وإستثماراتهم ضمن إطار يتوافق مع الأنظمة الجديدة إذا ما أرادوا البقاء ومواصلة الإستفادة مستقبلاً.

وعلى نفس النهج، بدأت الدول الكبرى حول العالم (مثل الولايات المتحدة وألمانيا وفرنسا وغيرهم) مؤخراً بتضييق الخناق على شركات الأوفشور التي تستهدف الإستثمار مباشرة في هذه الدول من خلال تملك الأسهم الخاصة وتملك الأسهم العامة وتملك العقارات وبمبالغ ضخمة قدرتها بعض المصادر بعشرات التريليونات من الدولارات !!!

وسبب ذلك أن هذه الشركات مسجلة رسمياً في مناطق جغرافية لا تخضع لأنظمة الدول الكبرى ولا لرقابتهم التنظيمية ولا لأنظمتهم الضريبية وهو ما يعتبر ثغرة يتوجب سدها لتنظيم الإستثمارات ورفع مداخيل الدول الكبرى.

المهم أنه نتيجة لذلك، قامت المؤسسات المالية العالمية مؤخراً بتقديم نصائح موجهة للأفراد والشركات الأجنبية الذين لهم مصالح في سويسرا ولشركات الإستثمار المسجلة في مناطق الأوفشور بضرورة إعادة تنظيم إستثماراتهم الدولية لتكون مملوكة من صناديق أوقاف Trusts يختلف عددها وتنوعها بحسب تعقد الإستثمارات بحيث تكون صناديق الأوقاف هذه مملوكة من قبل شركة أوقاف قابضة Private Trust Company يكون المستفيد منها المستثمر أو من يختاره هو، وأعتقد أننا في المستقبل القريب سنجد كبار المستثمرون حول العالم سيعيدون تنظيم إستثماراتهم الدولية على هذا الشكل إن عاجلاً او آجلاً و الله أعلم.

نقلا عن الجزيرة