صندوق الاستثمارات العامة والدور السيادي

29/06/2015 0
د.عبد الوهاب أبو داهش

التوجه الجديد الذي يتبناه صندوق الاستثمارات العامة في توقيع استثمارات مع صناديق سيادية خلال زيارة سمو ولي ولي العهد لكل من روسيا وفرنسا هي خطوة ممتازة وفي الطريق الصحيح لجذب الاستثمارات الأجنبية مباشرة إلى المملكة، وفي نفس الوقت تتيح لصندوق الاستثمارات العامة الاستثمار في الفرص التي تقدمها تلك الصناديق في بلدانها، وهذا سيساهم في وجود فرص استثمارية حقيقية مشتركة بين السعودية وتلك البلدان ما يساهم في نقل التقنية وتبادل الخبرات بشكل تجاري واحترافي بكل ما تعنيه الكلمة، فمن المؤمل أن لا تنطوي تلك الاستثمارت على مجاملات مثلاً، وقد لا يعترضها أي عوائق سياسية كون الاستثمارات بين صندوقين سياديين يهدفان إلى تعظيم العائد باستخدام رؤوس أموالهما في أفضل الفرص الاستثمارية المتاحة، هذا الدور الجديد الذي يلعبه الصندوق قد يشمل دولاً أخرى ما يساهم بالفعل في استقطاب رؤوس أموال ضخمة وخصوصاً في المجالات التي تحتاج المملكة فيها إلى خبرات وتقنية أجنبية مثل المفاعلات النووية والطاقة البديلة والنقل والصناعات الحربية وسكك الحديد، وإذا كان هذا الاستنتاج من الاتفاقيتين مع روسيا وفرنسا صحيحاً، فإن ذلك يعتبر نقلة نوعية ومهمة في تجاوز العوائق البيروقراطية والسياسية في تشجيع الاستثمارات المتبادلة بين المملكة والدول الأخرى.

وكان صندوق الاستثمارات العامة قد اشترى 38% من شركة بوسكو للهندسة والبناء الكورية في الربع الأول من العام في خطوة آذنت بالبدء في انطلاق الصندوق للاستثمار خارجياً، فقد عرف عن الصندوق تركيزه في الاستثمار داخلياً فقط، وفي معظم الشركات المدرجة في سوق الأسهم السعودية، وفي جل القطاعات وبنسب كبيرة، إن هذا التوجه وهو يخطو هذه الخطوات يأتي بدون إعلان رسمي أو حتى إعلامي لتغير توجهات الصندوق الاستثمارية، كما أنه لم يشر في أي من المناسبات عن تغيير في سياساته الاستثمارية خصوصاً بعد أن أصبح تحت إدارة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد، لكن هذا التغير الايجابي ينبئ أن الصندوق في طريقة للتوجه بأن يكون الصندوق السيادي للحكومة، وهو ما نصبو إليه خصوصا وأن الصناديق السيادية إضافة مهمة في تنويع الاستثمارات الحكومية وجلب التقنية والاستثمارات الأجنبية، فبغض النظر عن العوائد التي كان البعض يجعلها المعيار الرئيسي في نجاح أو إخفاق طريقة الاستثمارات في الأصول الحكومية، وبالتالي يبني على ذلك دعمه من عدمه في إنشاء صندوق سيادي، فإن الصناديق السيادية تلعب دوراً مهماً في استقطاب الاستثمارات الأجنبية وتوطين التكنولوجيا وزيادة التوظيف بعكس استثمارات الأصول الأجنبية التي تديرها مؤسسة النقد العربي السعودي (ساما) والتي تهدف بالدرجة الأولى إلى حماية سعر الصرف وسد العجوزات في موازنة الحكومة ما يبرر طريقة استثماراتها الحالية.

لذا فإن من المهم أن نبدأ بخطوات أكثر جدية في تحويل صندوق الاستثمارات العامة إلى صندوق سيادي حتى لو بقي اسمه كما هو بدون تغيير من خلال وضع نظام أساسي جديد يوضح فيه سياساته الإدارية والاستثمارية وهيكلته الاستثمارية والإدارية ما يجعله أكثر نجاحاً في تحديد وتحقيق أهدافه الاستثمارية.

نقلا عن الرياض