مفهوم تعارض المصالح في إدارة الشركات

21/05/2015 11
عبدالله عبدالعزيز المحمود

لدى المديرين وأعضاء مجالس الإدارات مصالحهم الشخصية، ورغباتهم، وطموحاتهم، التي يرغبون في حمايتها، وتحقيقها، والوصول إليها.

لكن بحكم كونهم مديرين للشركة أو أعضاء في مجلس إدارتها فإن بعض هذه المصالح والرغبات والطموحات قد تتعارض مع عملهم في الشركة الذي يفترض عليهم الأمانة، والإخلاص، والحرص، ببذل الجهد والعناية في تأديته. لذا فإن الحالات التي يمكن أن تؤدي إلى  تعارض المصالح يمكن تلخيصها في أربعة مواضع:

1-المصالح الشخصية في عمليات الشركة وعقودها.

هذه المصالح الشخصية التي تكون في عمليات الشركة وعقودها، قد تكون واضحة جلية، بحيث يتواجد المدير أو عضو مجلس الإدارة في طرفي العقد أو العملية التجارية.

هذا التواجد لا يفترض كونه شخصياً الطرف الأول والثاني في نفس العقد، بل إن الشركة التي يعمل كمدير لها أو عضو لمجلس إدارتها تكون أحد الأطراف، ويكون هو شخصياً، أو كمالك لمؤسسة فردية، أو شريك في شركة، الطرف الآخر للعقد.

 وهذا يكون في حالات تحديد المكافآت والمخصصات الثابتة والمتغيرة، وتوقيع عقد العمل وتحديد مدته وشروطه، والحصول على قروض من الشركة.

وكذلك تكون في حالات التعاملات التجارية مع الشركة، عندما يكون للمدير أو عضو مجلس الإارة مؤسسة فردية أو شركة تتعامل معاملات تجارية مع الشركة التي هو مديرها أو عضو مجلس إدارتها.

وكذلك عندما يشتري المدير أو عضو مجلس الأدارة أحد أصول الشركة، أو سلعها وخدماتها بشكل تجاري. 

هذه الحالات قد تدفعه لتغليب مصلحته الشخصية أو مصلحة مؤسسته الخاصة ومعاملتها بشروط وأسعار تفضيلية مستغلاً منصبه وقدرته على هذا الأمر.

وقد تكون هذه المصالح غير واضحة أو غير مباشرة، وهذا يكون في الحالات التي تتعاقد فيها الشركة التي يعمل فيها المدير أو عضو مجلس الإدارة مع أقارب هذا المدير أو مع شركة يملك فيها هذا المدير أو العضو حصة كبيرة.

2-المصالح الشخصية في الفرص الاستثمارية التي تُعرض الشركة. 

الأعمال التجارية، شركات أو مؤسسات، تأتيها فرص استثمارية بحكم مزاولتها للعمل التجاري، وأول من يطلع على هذه الفرص هم مديروا الشركة وأعضاء مجلس إدارتها.

في بعض الحالات قد ترغب الشركة الاستفادة من المشروع التجاري المعروض عليها؛ وفي بعض الحالات قد تقرر رفضه لأسباب مختلفة، منها عدم جدواه الاقتصادية، أو عدم قدرة الشركة على تمويل المشروع، أو عدم قدرتها على إدارته.

لكن هذا لا يتضح إلا بعد عرض الفرصة على الشركة وإدارتها.

لذا فإن قيام المدير أو عضو مجلس الإدارة باستغلال الفرص الاستثمارية قبل عرض الفرصة على الشركة – بطريق مباشر أو غير مباشر – وتحويلها لحسابه الشخصي أو حساب أحد أفراد عائلته أمر وارد، وهذا يفوت على الشركة العوائد المحتملة منها، وهو بلا شك ضد مصلحة المساهمين بشكل عام.  

3-منافسة الشركة.

منافسة الشركة يكون بالقيام بأعمال أو الاشتراك في تأسيس شركات تنافس الشركة التي يعمل فيها المدير أو عضو المجلس، أو الجلوس في مجالس إدارات شركات منافسة.

لأنه في هذه الحالات تشترك هذه الشركات المتنافسة في استهداف نوعية الزبائن والعملاء، والموظفين الأكفاء، والفرص الاستثمارية.

مما يعني أن المدير أو عضو مجلس الإدارة قد يحصل على حصة في السوق عن طريق الشركة التي يعمل فيها بتحويل بعض زبائنها وعملائها لأعماله الخاصة، أو أن يقوم بتحويل الموظفين الأكفاء إلى عمله الخاص ويحرم الشركة من خدماتهم؛ أو أن يقوم باستغلال الفرص الاستثمارية للشركة التي يعمل فيها.

4-الحصول على منافع من طرف ثالث

هذه المنافع أو الهديا التي تقدم للمدير أو عضو مجلس الإدارة من طرف ثالث بسبب كونه مديراً أو عضواً في مجلس إدارة الشركة، قد يكون غرض هذا الطرف الثالث منها تسهيل تعاقده وتعاملاته مع الشركة، أو أن هذه الهدايا قد تكون في حقيقتها عبارة عن رشاوي يقدمها الطرف الثالث لمديري الشركة لغرض محاباته وإمضاء الصفقات التجارية معه بتسهيلات غير متاحة لغيره.

لذا فإن المدير أو عضو مجلس الإدارة في هذه الحالة قد يُغلب مصلحته الفردية على مصلحة الشركة.

مع أن هذه الحالات هي حالات افتراضية إلا أنها واردة وتقع، لذا فهي تحتاج إلى أنظمة تحفظ حقوق المساهمين وتحمي أصول الشركة من عبث بعض العابثين، وفي نفس الوقت لا تمنع هذه الأنظمة المديرين وأعضاء مجلس الإدارة من الاستفادة في مثل هذه الحالات متى ما وجدت الضوابط التي توازن بين هذه المصالح دون الإضرار بمصالح الشركة والمساهمين.

ولعلي في مقال لاحق - بإذن الله تعالى - أوضح كيف يمكن التعامل مع حالات تعارض المصالح، وكيف تعامل معها القانون أو النظام في السعودية.