القطاع الخاص " يبتز " الدولة !

20/05/2015 1
مركز الجُمان

هناك عدة أسباب لضعف بورصة الكويت، حيث يمكن القول بوصولها لحالة " الشلل "، وبالتالي، عدم قيامها بوظائفها الأساسية المتمثلة في جذب وحشد رؤوس الأموال لتفعيل النشاط الاقتصادي في الدولة، وكذلك تبادل ملكيات الشركات ... إلخ.

والملفت عدم قيام القطاع الخاص بدوره في تنشيط البورصة كونه المتضرر الأكبر ــ نظرياً على الأقل ــ من تدهور أوضاع البورصة رغم ضخامة إمكانياته ، ويتمثل القطاع الخاص في البورصة في الملكيات الفردية والعائلية، وكذلك المؤسسات الخاصة ناهيك عن الكتل الاستثمارية.

ولا شك بأن السبب الرئيس لـ " شلل البورصة " هو " شلل الدولة "، حيث تعكس البورصة  في كل الدول الحالة الاقتصادية والسياسية ودرجة الفساد ... إلخ السائدة حولها، أي أن ظاهرة " أزمة الثقة " قد أصابت البورصة في مقتل.

 لكننا نرى وجود سبب آخر مهم لـ " شلل البورصة "، وهو تعمّد صنّاع السوق أو القطاع الخاص الكويتي " إذكاء " حالة " الشلل " من خلال " الإضراب "، والمتمثل في عدم شراء الأسهم، حتى في أسهم الشركات التي يديرونها ويسيطرون عليها، ولو بأسعار بخسه للغاية إلا بكميات محدودة جداً وببطئ شديد، ناهيك عن شبهات إصدار أوامر بيع بكميات كبيرة نسبياً لدعم حالة الهلع والقلق، وأيضاً لدفع المتداولين البسطاء للتخلص من أسهمهم بأسعار بخسه قسراً.

ونود أن ننوه إلى أن سوء إدارة القطاع الخاص للشركات المدرجة ووقائع الفساد الثابتة في حقه والمرتبطة في البورصة وأخلاقيات التعامل مع باقي الملفات ذات الصلة بها هي من أهم أسباب الانهيار  المدوّي لسوق المال عام 2008 ، والتي لا زالت أصداءه الكارثية ماثلة يومياً أمامنا ، أي رغم مرور نحو سبع سنوات.

وتتمثل حالة " الشلل البورصوية " الناجمة عن إضراب التجّار في التعامل معها في ندرة أوامر البيع والشراء وضعف كمياتها، وكذلك تباعد طلبات الشراء عن أوامر البيع وخمول التداول، وربما انعدامه على بعض الشركات عدا أسهم قليلة لا تشكل 10% من عدد الأسهم المدرجة التي يفوق عددها المائتين، حتى أضحت الدولة مُمثلة بـ " المحفظة الوطنية " هي اللاّعب النشط في السوق، بل وصانع سوقه ، بالإضافة إلى بقايا بعض المضاربين " المُنتّفين " الذين يضاربون بين الفينة والأخرى على بعض الأسهم التي يقل سعرها عن 50 فلس ، وليس 100 فلس !

ونعتقد للقطاع الخاص المتواجد في البورصة ــ وبالتأكيد ليس كله لكن معظمه ــ عدة مبررات لعدم التداول في البورصة، بل والضغط عليها سلباً، منها :

1-أنهم مسيطرون على الشركات التي يديرونها ولا منافس لهم فيها، وبالتالي، ليس 

هناك داع لتعزيز ملكيتهم في تلك الشركات لإحكام قبضتهم عليها.

2-أنهم مستفيدون من تلك الشركات سواءً بشكل مشروع أو غير مشروع ، والمتمثل في استغلال مواردها لمصالحهم الخاصة ، أي " شفطها من الداخل " ، وهو ما يُطلق عليه باللغة الإنجليزية " Skimming " ، وذلك بعدة وسائل متعددة وكثيرة لا مجال هنا حتى لتحديد بعضها.

3-أنهم يسعون لتشتري الدولة من أسهم شركاتهم ، سواءً منهم مباشرة، طبعاً بهامش ربح " محترم "، أو من عموم المتداولين، لتأكدهم بأن الدولة لن تطالبهم بكراسي إضافية 

مما يضعف سيطرتهم ،  وإن طالبتهم، سيكون ممثلي الدولة بمثابة الشريك النائم " Silent Partner " .

ولم يكتف القطاع الخاص بالامتناع عن شراء الأسهم، حتى لو كانت أسعارها بالحضيض ، لكنه بدأ يزيد من " كارثة البورصة " بعروض معظمها وهمية للأسهم لضغطها نحو مزيد من الانهيار ، وكذلك لتجميعها بهدوء وبطئ بأسعار يمكن وصفها بـ " المجانية " !

وبناءً على ما سبق، نجد أن القطاع الخاص " يبتز " الدولة بشكل قوي جداً وواضح تماماً لدفعها لشراء أسهمهم من البورصة التي جمعوها أخيراً بأسعار بخسّة، وإلا سيتم تحطيم البورصة على رؤوس المواطنين البسطاء وهم عموم المتداولين، وهذا ما تم فعلاً، وهم الشريحة العددية الأكبر في سوق المال، أي استخدام أرزاق ومصالح 

المواطنين المساكين كورقة ضغط لتحقيق مآرب الكبار ومصالحهم الخاصة البحتة والضيّقة والأنانية أيضاً !

وبافتراض حسن النية لبعض صنّاع السوق أو القطاع الخاص الناشط في البورصة، فإن أقل ما يطمحون به أن تقوم الدولة بدعم سيطرتهم على الشركات المدرجة من خلال الأموال العامة، وأيضاً لمصلحة الفئة المسيطرة ــــ والتي تكون فاسدة أحياناً ــــ على بعض الشركات المدرجة.

ولا شك بأن مطالبات القطاع الخاص لتدخل الحكومة متكررة وعلنية وواضحة وقوية أيضاً منذ الأزمة في 2008 حتى اليوم، ومنها ما صدر من حمد العميري رئيس مجلس إدارة شركة الاستثمارات الوطنية ونشرته صحيفة " الراي " في 2014/05/05، وهو أحد المتحدثين بأسم القطاع الخاص و " كتلة الخرافي " تحديداً، وهي  أكبر كتلة استثمارية في البورصة، حيث طالب الدولة بأن تضخ 5 مليار دك لإنقاذ البورصة ... لاحظوا حدد المبلغ 5 مليار دينار كويتي بالتمام والكمال ! ( نحو 17 مليار دولار أمريكي ).