بعض معايير المستثمر الأجنبي

28/04/2015 1
نايف آل خليفة

تُعتبر مرحلة دخول المستثمر الأجنبي لسوق المال السعودي "تداول" مهمة على مستوى ثقافة الإستثمار و التعاملات مع الشركات و القطاعات المختلفة.

بالرغم من أهمية هذه المرحلة والتي سوف تُضيف الكثير على سوق المال، إلا أنه -من وجهة نظري- لن يكون هذا التأثير كبيراً على مستوى القيمة السوقية مثلما يتوقعه بعض المتداولون ويرددونه في تعليقاتهم وتغريداتهم، و ذلك باعتبار أن السوق السعودي لا يحتاج إلى سيولة جديدة ليحلق إلى مستويات عالية، و هذا ما أكده محافظ هيئة سوق المال في تعليقه على دخول المستثمر الأجنبي.

إلا أن التأثير سوف يتجه إلى مسارات أخرى ترتبط بأهداف إستراتيجية مما سيجعل لهذا التأثير تعظيم لقيمة بعض الشركات التي سوف تكون مستهدفه بناءً على معايير أكثر عمق من تلك المعايير التي يتعامل بها المستثمر المحلي والتي ترتكز في المجمل على نمو الأرباح والتوزيعات والتوسع في النشاط.

بالرغم من أهمية تلك المعايير الاستثمارية، إلا أن للمستثمر الأجنبي نظرة مختلفة ترتكز على معطيات وأبعاد ذات تأثير ملموس و مباشر على أعمال ونتائج الشركات، و من أهم هذه المعايير هو معيار الكفاءة و الفاعلية التي يجب أن تتحلى بها مجالس الإدارات، وتتمتع بها إدارة الشركة باعتبار أن "فاقد الشي لا يعطيه".

وللآسف أن واقع شركاتنا تشهد نوعاً من المجاملات في هذا الجانب بناءً على العلاقات وليس الكفاءات! لذا سوف يكون هذا النوع من الشركات محل نظر إن لم تكن مستبعده من الأساس من قائمة الاستثمار.

ومن المعايير التي سوف تكون ضمن نطاق تقييم الشركات هو كفاءة وفاعلية أنظمة البيئة الرقابية الداخلية وخاصة ما يتعلق بنظام الحوكمة، حيث لم يعد يخفى على الجميع أهمية وتأثير نظام الحوكمة على أداء ونتائج الشركات، وخاصة بعد التعثرات التي شهدتها بعض الشركات المحلية والعالمية بسبب بعض الممارسات السلبية الناتجة عن استغلال للسلطة وتداخل في الصلاحيات وغياب الدور الرقابي.

حيث أن وجود أي نظام رقابي في أي منشأة لم يعد كافي ما لم يكن هناك تأكيدات مستمرة على فاعلية وكفاءة هذا النظام.

و لعل مشروع "مؤشر حوكمة الشركات" سوف يكون أحد أهم الأدوات التي تُستخدم في تقييم الشركات والتحقق من مدى فاعلية وكفاءة نظام الحوكمة بشكل عام.

ومن المعايير ايضًا التي سوف تكون ضمن نطاق تقييم الشركات هو معيار المسؤولية الاجتماعية وما يتفرع منها من أنشطة وممارسات اجتماعية وإنسانية تجعل من المنشأة بالرغم من كونها كيان اقتصادي تجاري، تكون كذلك كيان إجتماعي يعزز لسمعتها ويعمق علاقتها مع المجتمع مما يساعدها في مواجهة المخاطر المحتملة وتحقيق مفهوم الاستدامة.

و في الحقيقة أن منشآتنا "للآسف" لازالت في هذا الميدان متأخرة جداً بل تُقدم أنشطة وبرامج وخدمات محدودة لا تُحقق أهدافها فضلا عن أن تُلبي الحاجات والأولويات الإجتماعية التي يُفترض أن تُساهم فيها.

وخصوصًا اذا عرفنا بأن ثمة شركات لا تكاد تُنفق من ميزانيتها المتعلقة بالمسؤولية الإجتماعية إلا ٥٪ موجّهة الى أنشطة ليس لها أساسًا قيمة إجتماعية! 

ليس ما سابق إلا بعض من المعايير التي يعتمد عليها المستثمر الأجنبي في اتخاذ القرار الإستثماري المناسب سواءً على مستوى الشركات أو القطاعات، لذا لن يكون الإستثمار كما كان عليه الأمر في السابق.

والأهم من ذلك هو الأثر السلوكي والثقافي الذي سوف يضفيه المستثمر الأجنبي حين دخوله للسوق المالي لاعتبارات متعددة أهمها التعامل "بالعقل" بعيدًا عن "العاطفة"!