رسوم الأراضي: ماذا أوصت الدراسات والتجارب؟

06/04/2015 15
د.عبد الوهاب أبو داهش

 ليس هناك توقيت أفضل من اتخاذ قرار فرض رسوم الأراضي مثل هذا التوقيت بالنسبة للحكومة فهي تتخذ القرار بناء على ثلاثة عوامل هامة وهي؛ الرضا والقبول الشعبي الكبير لفرض رسوم على الأراضي البيضاء، وانخفاض أسعار النفط بشكل يجعل من المهم تدبير موارد إضافية غير النفط لخزينة الدولة، وأخيراً الدعم المالي الكبير الذي يحتاجه صندوق التنمية العقارية لمواصلة مهامه في الإقراض، لذا فإن القرار يعتبر صائباً وحكيمً عطفاً على هذه العوامل.

الا أن نتائجه على الاقتصاد والقطاع العقاري قد يأتي مختلفاً لتحقيق هدف الحكومة في حث الناس على البناء والتطوير لمعالجة مشكلة الإسكان، ذلك أن العوامل الجوهرية والمحفزة للتطوير تنصب بشكل كبير على عدة عوامل ذكرناها في عدة مناسبات وكذلك في دراسة صدرت حديثاً قامت بها اللجنة العقارية بغرفة الرياض ووجدت أن التحديات التي تواجه القطاع العقاري هي:

- تأخير اعتماد المخططات واستخراج فسوحات المباني وتعدد ملكية الصكوك.

- تأخير توصيل الخدمات (البنية الأساسية) في الوقت المناسب.

- ارتفاع تكاليف التطوير والبناء.

- عدم توفر أدوات تمويل مرنة.

- ضعف التنسيق فيما بين الجهات الحكومية.

- ارتفاع معدلات الهجرة الداخلية.

وأوضحت شرائح الاستبيانات التي قامت بها الدراسة على أهمية تأثير عناصر الإجراءات الإدارية) اعتماد المخططات، توصيل الخدمات، ارتفاع تكاليف التطوير والبناء (على بيع وشراء الأراضي واتجاهات الأسعار.

فعلى سبيل المثال، ترواحت نسبة الذين يعتقدون أن مساهمة عنصر (اعتماد المخططات واستخراج فسوحات الأراضي في ارتفاع الأسعار بين (81%- 93%).

وأشار (66% - 71%) من شرائح الدراسة المختلفة أن فرض رسوم على الأراضي البيضاء يؤثر على ارتفاع الأسعار. لكن (23% - 67%) أشاروا الى أنهم سيحتفظون بما يملكون من أراضٍ لفترة زمنية محدودة لدراسة أوضاع السوق وكذلك شراء أراضٍ جديدة لاستثمارها والهروب من تطبيق الرسوم عليها وأن فرضية بيع الاراضى المملوكة هي آخر قرار يمكن اتخاذه.

وقد عملت الدراسة على إسقاط أربع فرضيات وجاءت محصلة اختبار تلك الفرضيات بأن عدم فرض الرسوم أو فرضها والقطاع العقاري على وضعه الراهن لن تؤثر على مستويات الأسعار بل سوف تعمل على ارتفاعها بنسبة أعلى حال فرض الرسوم، بينما تنخفض الأسعار حال معالجة التحديات التي تواجه القطاع سواء تم فرض الرسوم أو دونها.

من هنا نستنتج بأن فرض الرسوم دون معالجة التحديات التي افرزها المسح الميداني للدراسة سيؤدي إلى ارتفاع الأسعار، بالإضافة إلى ذلك، ستظهر معوقات غير مرئية متوقعة منها على سبيل المثال:

مشكلة الرهونات لدى مؤسسات التمويل وأثرها على جدوى المشاريع، وعلى مستوى الإيجارات وأثرها على معدلات التضخم وأثرها كذلك على قيمة أسهم الشركات العقارية المدرجة في سوق الأوراق المالية وإعادة هيكلة بعض الشركات.

وتوصلت الدراسة إلى أنه في حال إقرار قانون ينظم الأراضي ويحكم كيفية التعامل بالأراضي وامتلاكها مع معالجة التحديات التي تواجه القطاع، فإن عملية فرض رسوم في شكل غرامات أو جزاءات لن يؤثر على اتجاهات الأسعار بل ستكون له نتائج ايجابية متمثلة في تصحيح مسار نشاط القطاع من خلال معاقبة كل من يخل بالقانون مما يقود إلى تطوير الأراضي البيضاء وحل مشكلة السكن.

وعلى ضوء ذلك توصي الدراسة أن فرض الرسوم على الأراضي لا يعطي نتائج إيجابية، ويولد بعض الآثار السلبية التي تؤثر على المستفيد النهائي كما حدث في بعض تجارب الدول التي فرضت الرسوم على الأراضي البيضاء مثل الكويت.

كما أن فرض الرسوم على الأراضي دون حل المشاكل والمعوقات التي تواجه القطاع العقاري سيكون غير ذي تأثير.

كما توصي الدراسة بضرورة القيام بمواجهة وحل مشاكل ومعوقات القطاع العقاري وتتمثل في الإسراع بإجراءات التراخيص واصدار واعتماد المخططات وفسوحات الاراضي ومعالجة تعدد ملكية الصكوك، وتأخير توصيل المرافق والبنية التحتية للأراضي، وتوفير التمويل المرن للقطاع العقاري والاهتمام بالاحياء القديمة بالمدن.

إن استعراض ملخص الدراسة هنا يأتي لأهمية الأخذ في الحسبان لما جاء فيها عند وضع المعايير وآليات فرض رسوم الأراضي حتى يتحقق هدف التطوير والبناء وخفض الأسعار في المدى المتوسط الطويل، وليس فقط انخفاضها في المدى القصير كما يتوقع البعض.

نقلا عن الرياض