هل انتصر تجار العقار مجدداً؟

02/04/2015 5
خالد الفريان

 شهد مساء اول أمس الثلاثاء، قمة الإثارة، وجميع من تابع الإعلان عن المواجهة بين الطرفين، قبل عدة أيام، ترقب حسم النتيجة حتى آخر دقيقة !.

لم تكن مباراة نصر وأهلي نحو الصدارة، ولا هلال واتحاد،  حيث تتجه أعين الجماهير نحو " الكلاسيكو " الكبير، ولم تكن مواجهة حربية، بل  كانت مواجهة " تويترية " ملتهبة على تراب غالي!

ما بين طرف أول يؤكد - بثقة وربما عنجهية - أن أسعار الأراضي سترتفع، وطرف ثاني يؤكد - بتعاطف وربما اندفاع - أن الأسعار ستنزل بشكل كبير. 

* الحدث هو : طرح وزارة التجارة  163 قطعة أرض في مزاد علني في مخطط بحي حطين شمال غرب الرياض، نتيجة لتعثر مساهمة عقارية لتطوير ذلك المخطط.

وهو حدث بسيط يتم مثله بشكل مستمر، لكنه هذه المرة، تم بعد أيام من إقرار مجلس الوزراء الموقر، فرض رسوم يدفعها أصحاب الأراضي غير المطورة.

*منذ إعلان مجلس الوزراء هذا القرار، كانت هناك تحليلات ونقاشات، في كل المجالس، وفي تويتر، حول مدى قدرة هذا القرار على خفض أسعار الأراضي في المملكة، وتباينت التوقعات والتمنيات، حيث يؤكد الطرف الأول استمرار العقار في الارتفاع، لأنه من الصعب التطبيق الفعال للقرار، على أرض الواقع، مستشهدا بفشل تجارب دول طبقت مثل هذا القرار أحدها الكويت.

أما الطرف الثاني فيؤكد نزول أسعار الأراضي، كنتيجة حتمية لزيادة المعروض بعد الفرض على محتكري وملاك ملايين الأمتار ما بين التطوير والبيع، او دفع الرسوم (الغرامات) وبخاصة أن أسعار الاراضي في المملكة رغم مساحتها الشاسعة وصلت إلى أسعار مبالغ فيها جدا ولابد من نزولها..

ونشرت عشرات العناوين الصحفية المؤيدة للقرار، متوقعة حدوث نزول في الاسعار، ما بين 10% إلى 30%.

** أول أمس، وفي "معركة" حطين العقارية، تهافت المشترون على مخطط  فيه من السلبيات الكثير، وتم بيع جميع الأراضي، بأسعار مرتفعة توازي، أو تفوق نسبيا اسعار المخططات القريبة للحي، قبل المزاد، وقبل قرار فرض الرسوم على العقارات غير المطورة، وقد احتفل كثيرا بهذه النتيجة المستفيدون من استمرار ارتفاع الاراضي، واعتبروا ما حدث انتصارا لهم.

* وجهة نظري التي سبق أن قلتها عدة مرات في سنوات ماضية هي:

أن المملكة في العشر سنوات الماضية، طرحت عدة برامج إصلاحية تنموية عملاقة، ونجحت  في معظمها، بتفاوت في سرعة وجودة التنفيذ، عبر مسيرة مليئة بإنجازات نفتخر بها، ويجب أن نحافظ عليها، كما صاحب التعثر أو الإخفاق، أوعدم التوفيق بعض البرامج، رغم ما وفرت له الدولة من مليارات، وأهمها ملف الاسكان، وما ارتبط به من ارتفاع جنوني لأسعار الأراضي، وعن هذا الملف قلت العام الماضي في هذه الزاوية:

(لقد تعب الناس وملوا واحبطوا من التسويف، وخلط الاوراق، وتفاقم كثير من الإشكالات التنموية، التي ثبت أن "الزمن" يعقدها لا يحلها، ومن ذلك  البطء الشديد في حل مشكلة السكن مما "ساهم" في مضاعفة أسعار الاراضي..).

*اليوم اؤكد بكل ثقة وتفاؤل، وفقا لمؤشرات موضوعية، أن الدولة حتما ستنتصر في النهاية للجانب الأضعف، وهو المواطن المحتاج لسكن، أو لأرض بسعر معقول، وستحل بإذن الله قريبا مشكلة السكن، كما ستحل مشكلة الارتفاع في أسعار الاراضي الذي يفوق عدة مرات معدل الارتفاع في دخل المواطن.

وذلك يستوجب حزمة من السياسات والقرارات، بقيادة مجلس الشؤون الاقتصادية والتنمية منها سرعة فرض رسوما عالية، على كل من لا يطور ارضا كبيرة يملكها، مع رسالة قوية للجميع بأن القرار سيطبق على الجميع، ومنها جباية الدولة للزكاة على العقار، ومنها "انعاش" وزارة الاسكان بحيث تعمل بهمة ونشاط، وحس المبادرة نحو مشاركات فعالة مع الشركات السعودية الناجحة، وكبريات الشركات العالمية لتوفير أعداد كبيرة من الاراضي المطورة ومن المساكن، وفي ذات الوقت اقتراح وتبني سياسات لكبح جماح ارتفاع اسعار الأراضي..

إذ أن حل مشكلة السكن لن يتحقق من خلال قرارات فقط، ولكنه يحتاج سياسات شاملة متكاملة.

نقلا عن الرياض