ارامكو : هل لنا من مكاشفة ؟

05/03/2015 4
فواز حمد الفواز

ارتبط التفكير السعودي منذ قرابة ستون عاما بدور أرامكو ليس المركزي ماليا فقط ولكن بما هواهم: مفاهيم  التكوين الاقتصادي  وقدوة الإدارة الحديثة، كما أنا أرامكو لازلت اهم وحدة اقتصادية في المملكة ولذلك فان اي نقد لأرامكو يبدأ من منطلق غير مفهوم وحتى غير مبرر في نظر الكثير بسبب غياب أي مثال آخر مؤثر وخاصة لما تستدعي  الحكومة أرامكو للدخول في اعمال بعيدة عن التخصص.

بدا للكثير وكان أرامكو رجل يمشي على الماء - لا يخطئ ويملك عصا سحرية ولذلك ليس لأحد ان يسال ، بل ان من يتساءل يجد نفسه في موقع دفاعي.

عندما تكون البيئة  الثقافية بهذا الشكل لابد من الانكشاف على بعض المفاهيم العامة قبل الدخول في أي توصيات.

ترشدنا التجارب في كل شركات النفط الوطنية في العالم الثالث الى تجارب غير صحية  تبدأ بترهل اداري وأنماط علاقات شخصية تبدأ بتوظيف الأولاد والبنات وتنتهي بالاستعانة بالخارجيين (outsourcing) الذي جر الى أنماط علاقات غريبة احيانا وغالبا الى تخفيف التوطين، فبعد ان كانت أرامكو مثالا لتوظيف السعوديين في كل المهن اصبح السعودي مشرف أو مدير ثقيل احيانا، السبب توظيف منظار محاسبي سطحي بديل عن منظار اقتصادي عميق والذي بدوره اضعف عملية فرز الكفاءات.

أحد افرازات التطور الاخير قوة مكتب الرئيس التنفيذي على حساب الادارة الوسطى، ربما خروج أحد اللامعين حديثا بسبب هذا التطور.

الملاحظة الاخرى انه كلما كبرت الشركات العامة تضعف قيمة العمل الحقيقي وتزداد الشكليات والبروتوكولات والتظاهر وترتفع التكاليف دون ارتباط وثيق مع الانتاج  او الإنتاجية ويصبح السؤال اكثر حرجا لان الكثير مستفيد ويبدأ التعويل على الوطنية والعلاقات الشخصية على حساب الانتاجية.

فنجد انتاج أرامكو لا يزيد ولكن الموظفين في تزايد والإنتاجية تقل والتكاليف في تصاعد من هذه التكاليف الغير منظوره تزايد التزامات التقاعد.

احد إفرازات هذا التوسع الرغبة في التوسع أفقيا، فتجد أرامكو ليست حريصة في  الخروج من صناعة البتروكيماويات، فهي تمزج بين دور الممد بالقيم المستقل وبين المنافس وهي ايضا بطيئة في دعم المشتريات من الداخل اذ تبلغ هذه 30% طبقا للفالح.

أتفهم منطق أرامكو نظرا لقلة الاستثمارات في المملكة كما يحدث في مصفاة جازان ولكن يجب فرز الأدوار بعناية ووضوح وسرعة.

الملاحظة الثالثة تأتي في ضعف مجلس ادارة أرامكو حين أنساق بسهوله وأحيانا حماس غير مبرر في الدخول في مشاريع ليس لها علاقة مع مهام الشركة. دور المجلس حماية أرامكو من أي ضغوطات مهما كان مصدرها.

خروج بعض الاعضاء قد يكون فرصة لدماء جديدة اكثر استقلالية خاصة أنه تم الغاء المجلس الاعلى للبترول مما يجعل مجلس الادارة أكثر اهمية. أحد الاسئلة لماذا لا توظف ارامكو قدراتها المعتبرة خارجيا في الاستكشاف ؟

الملاحظة الرابعة عدم وضوح الرسالة والدور في سياسة وصناعة الطاقة، فخالد الفالح يقتنص كل فرصة للتذكير بحجم ونمو الاستهلاك الداخلي دون توصية واضحة  وليس واضحا للكثير علاقة أرامكو مع مدينة الملك عبد الله للطاقة الذرية والمتجددة، فهل هي تكاملية او تنافسية؟

ولكل منها حيثيات وتداعيات مختلفة. جزئية صغيرة تأتي في مدى استقلال مركز الملك عبد الله للبحوث،فأرامكو احد اللاعبين وليست مركز فكري للطاقة، فكما أن أرامكو ممد للصناعات في المملكة، فأرامكو أحد اللاعبين في صناعة الطاقة.

بعض هذه التلبكات اتى بسبب غياب سياسة الطاقة خصوصا و غياب التفكير المؤسساتي عامة.

ما هو الحل؟

تجارب بمكس في المكسيك وغيرها مثال غير طيب كما ان البيئة المجتمعية لدينا تسمح بتطور مشابه فعلينا الحذر.

التخصص والتعمق والنماذج الاقتصادية  الصحية هي صمام الأمان وليس نوايا حتى أطيب الناس وأكثرهم كفاءة فخالد الفالح وآخرين اكفاء.

اول خطوة هي تجميع الشركات البتروكيماوية تحت مظلة شركة مماثلة لتجربة سابك واستقلالها عن أرامكو.

هناك حاجة لأكاديمية سعودية علمية يدخل تحتها بعض نشاطات ارامكو البحثية ومركز الملك عبد الله للأبحاث البتروليه ومدينة الملك عبد العزيز للعلوم ومدينة الملك عبد الله للطاقة، المملكة في حاجه لمظله للمراكز البحثية والفكرية المستقلة.

كما هناك حاجه لتقليل  الاعتماد على الخارجيين إلا اذا استطعنا تغير جذري في التوطين ورفع كفاءة الاخرين فليس لأرامكو ان تتصرف كشركة ومؤسسة حكومية في ان واحد.

ارامكو تكون في اقوى ادوارها حين تكون قادرة على التنافس عالميا وقدوة لشركات اخرى وطنيا.