معركة فرنسا القادمة

21/01/2015 1
مازن السديري

كنت أصلي في البنك الذي كنت أعمل فيه بأوروبا، في المستودع؛ فجأة فتح الباب رئيس مجلس الإدارة وكان من كبار المساهمين وفيلسوفاً اقتصادياً له كُتب ودرس بالجامعة اسمه (آلان سيانس) بعد الصلاة، سألني لمَ تصلي هنا ثم وجه أن يكون لي حق الصلاة في إحدى غرف البنك، وبعد أسبوع طلب مني أن أحضر ترجمة أحاديث للنبي عليه السلام يستخدمها في محاضراته ليستشهد بها في مفهوم التنمية والعمل.

اليوم (مارين لوبين) زعيمة الجبهة الوطنية الفرنسية تنتقد حقوق المسلمين في طلب مواقع للصلاة والحجاب طبعاً، السؤال هل فرنسا دولة عنصرية؟ الجواب لا ولكن سلوكها عنصري!

صحيح حزب الجبهة الوطنية في تقدم لكن يظل حزباً صغيراً برغم تزايد شعبيته مأخوذاً، وحتى التصرفات السفيهة من صحافتهم الصفراء (شارل إيبدو لا تطبع أكثر من خمسين الف نسخة) وهذا لا يبرر سخافتهم لكن ما سرّ ذلك.

الحرية والعدالة والمساواة من مبادئ الثورة الفرنسية الغارسة في الوجدان الفرنسي، تعمقت هذه المبادئ النبيلة ولكن بدون تهذيب أو احترام، مساحة الحرية يتمادون بها للاستفزاز أحياناً والعدالة رسخت مبادئ اشتراكية تمددها لم يساعد في توازن المجتمع بل حبس الطبقة الوسطى من النمو وأنهك ميزانية الدولة في دعم غير مبرر يجذب المزيد من المهاجرين غير المحترفين لسوق العمل نتج عنه رفع الضرائب لمستوى يعوق التنمية حتى بلغت نسبة الضرائب للناتج المحلي 48% قرابة النصف، وتزاد نسبتها على المحترفين وذوي الدخل المرتفع حتى تصل إلى 75% مما ثبط الجدية وزاد هجرة الفرنسيين الأكفاء، حول (ديجول) فرنسا من دولة زراعية الى صناعية والآن هي تتآكل، بلغ نمو الناتج المحلي صفرا للسنتين الأخيرتين والبطالة 10%.

لكن رغم كل هذا الدعم من الدولة الفرنسية هي تعاني من ضعف ولاء المهاجرين بينما بريطانيا صار وزير ثقافتها مسلماً من أصل باكستاني، السبب أن فرنسا تريد المهاجر أن يكون فرنسياً، أما بريطانيا تريده أن يتحول إلى طبيب ومهندس يذوب تبعاً للمتغيرات في المجتمع، ويضيف للناتج المحلي والنشاط الاقتصادي وليس عبئاً ينهك الدولة لتفوز بصوته الأحزاب وانظروا فرق النمو الاقتصادي بين البلدين.

سمعت مؤخراً بأن سيدة سعودية حرمت من منصب مديرة المركز الثقافي بسبب الحجاب فما بالك بالمهاجرين، مبادئ الثورة النبيلة تعاطوا بها بشكل رومانسي بعيد عن الواقع يبعد الفرنسيين بين بعضهم ويجعل فرنسا في مؤخرة الركب الأوروبي.

 

نقلا عن الرياض