أسعار البترول.. أمريكا الرابح الأكبر

18/12/2014 0
عبد اللطيف الملحم

يراقب العالم أجمع ما يحدث من هبوط في أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى مستويات ما قبل خمس سنوات وسط مخاوف لم ترها أسواق الطاقة من قبل.

ورغم أن اسعار البترول سبق أن هبطت إلى أقل من هذه المستويات, إلا أن العالم تغير وتغيرت سياسة طلبه على البترول. وزيادة على هبوط الأسعار فقد قل الطلب بسبب تباطؤ النمو في بعض الدول الصناعية.

فمثلا الصين والتي كانت تنمو بسرعة غير مسبوقة تصل إلى عشرة بالمائة وبها أكثر من خمس سكان العالم, بدأت ترى بطئا في النمو الاقتصادي صاحبة طلب أقل على مصادر الطاقة.

وكذلك قامت الكثير من الدول على برمجة مشاريعها على أساس أن النفط لن ينزل عن مستوى المائة دولار. وتم استثمار مئات البلايين في مشاريع خاصة بإنتاج البترول أو لها علاقة بالطاقة.

وبعد أن وصل سعر البترول إلى 80 دولارا برز في الساحة الكثير من المحللين السياسيين على أساس أن ما يحدث هو لعبة سياسية لضرب اقتصاد بعض الدول مثل روسيا وإيران وفنزويلا وغيرها في وقت وقف فيه المحللون الاقتصاديون جانبا على أساس أن سعر 80 دولارا لن يؤثر على أي مشاريع كبيرة على المدى البعيد.

ولكن ما أن لامس سعر برميل النفط حدود 60 دولارا حتى دخل المحللون الاقتصاديون على الخط ليعلنوا أن ما يحدث هو هزة كبيرة ستؤثر على الجميع...

ولكن ماذا عن أكبر دولة منتجة ومستهلكة في آن واحد. في الواقع بدا واضحا أن الولايات المتحدة الأمريكية هي الرابح الأكبر رغم ان بعض شركات التنقيب عن البترول الصخري والصخر البترولي في أمريكا بدأت ترى أن استثمارات تقدر بـ(400) بليون دولار أصبحت في مهب الريح, ولكن وفي نهاية المطاف فأمريكا هى المستهلك الأكبر وفي نفس الوقت فأسعار الطاقة في أمريكا غير مدعومة.

ولهذا فإن الأسعار في محطات البنزين ستهبط مع هبوط أسعار البترول. وزيادة على ذلك فقد تنفست خطوط الطيران الأمريكية الصعداء.

وهذا بعكس ما يحدث في روسيا والتي دخلت في دوامة أكبر تحد يواجه اقتصاد أي دولة في العالم, ألا وهو هبوط سعر العملة. وخسر الروبل حوالي خمس قيمته ليصبح كل 78 روبل تعادل دولارا واحدا.

ومع أن اسعار البترول ستستقر بصورة تلقائية, إلا أن ما حدث لسعر النفط سيجعل الدول غير قادرة على الاستثمار والتخطيط على المدى البعيد.

وستصبح الشركات في تخوف دائم من الأقدام على أي خطوة غير محسوبة المخاطر.

وبدأت الشركات الروسية تفكر جديا حول مشاريع الأنابيب الخاصة بتصدير الغاز والبترول.

ومع اهتزاز الاقتصاد الروسي فسيكون هناك حتما اهتزاز في التأثير على أي قرار جيوسياسي.

وعندها ستكون الولايات المتحدة الأمريكية هي الممسكة بأي مبادرة بخصوص أي مشروع سياسي.

وهذا بدا واضحا للعيان من خلال عدم تخفيض روسيا لإنتاجها لأن دولا أخرى منتجة ستكون جاهزة لزيادة إنتاجها وهذا يضع روسيا في موقف سياسي أضعف مع أمريكا.

والغريب في الأمر فقد كانت الشركات الأمريكية ومحللوها الإستراتيجيين هم أول من حذر من هزة ستتسبب في هبوط حاد في أسعار النفط.

وأخيرا فدول الخليج تستطيع تحمل هذا النوع من تدني الأسعار ولكن لن يكون ذلك دون ثمن.

أي أن الكل خسران من تدني أسعار النفط ما عدا الدولة التي دائما تشتكي من هبوط أو ارتفاع أسعار النفط, وهي أمريكا.

نقلا عن اليوم