هل فتح السوق مُجدٍ الآن؟

15/12/2014 1
محمد العمران

في أي سوق مالية في العالم هناك هدف سياسي مهم جداً يقف خلف قرار فتح الأسواق المالية أمام المستثمرين الأجانب، يتمثل في إجبار كبريات المؤسسات المالية والصناديق الاستثمارية العالمية (القادمة أساساً من دول تتمتع بنفوذ سياسي دولي قوي) على أخذ مراكز مالية ضخمة وإستراتيجية في هذه الأسواق المالية، وبالتالي يكون لها مصالح مباشرة في ضرورة إيجاد استقرار سياسي واقتصادي في الدول والاقتصادات التي تستثمر فيها، وربما يصل الأمر للدفاع عنها سياسياً أو اقتصادياً ليس حباً بها و لكن لحماية مصالحها.

لا شك أننا نتحرك ببطء شديد في هذا الاتجاه مع إضاعتنا حتى الآن لفرص قد تكون تاريخية في فتح السوق أمام المسثتمرين الأجانب خلال فترة طفرة النفط التي عاشتها المملكة (والتي نأمل أنها لم تنته بعد) وخصوصاً في السنوات الأخيرة التي شهدت تطوراً كبيراً في السوق المالية السعودية وصلت بها إلى مرحلة متقدمة تتفوق بها على معظم أسواق المنطقة، و تضاهي بها الأسواق المالية المتقدمة حول العالم، بينما لا نزال نعتمد على النفط كمصدر رئيسي لدعم الدخل القومي ولدعم تحركات السوق المالية بشكل مباشر أو غير مباشر قبلنا بذلك أم لم نقبل.

الآن، مع هبوط أسعار النفط بنسبة تعادل 45 بالمئة (على الأقل حتى تاريخ كتابة هذا المقال) ومع ظهور تقارير اقتصادية تميل للسلبية عن الوضع المستقبلي للناتج المحلي الإجمالي والإنفاق الحكومي للمملكة في السنوات القادمة فيما لو استمرت أسعار النفط على هذا المستوى أو أقل منه، فلا شك أننا فقدنا الميزة الأهم لجذب الاستثمارات الأجنبية للدخول وأخذ مراكز إستراتيجية في السوق المالية السعودية ويجعل من قرار فتح السوق أمام المستثمرين الأجانب في ظل هذه الظروف الاقتصادية التي نعيشها الآن قراراً غير جاذب و غير مجدٍ لهم، بل و سنفتقد لـ«كرت» إستراتيجي مهم جداً بسبب التوقيت الخاطئ.

يبقى أملنا الوحيد في جاذبية وجدوى فتح السوق عندما نكون جاهزين فعلاً لرفع تصنيف السوق المالية إلى سوق ناشئة على اعتبار أن رفع التصنيف سيجبر المؤسسات المالية و صناديق الاستثمار العالمية على الدخول بغض النظر عن الظروف الاقتصادية، و هي مسألة ستحتاج إلى وقت لأننا لسنا جاهزين من الأساس، ولم نفعل حتى الآن ما يدل على أننا نتطور بجدية في هذا الجانب، بدليل غياب الإفصاحات باللغة الإنجليزية آنياً مع الإفصاحات باللغة العربية، بينما نرى تكرار الشركات لإعلانات تصحيحية و إلحاقية باللغة العربية في غالبها مخجلة بحق سوق مالية متطورة، فما بالكم بما سيحدث لإعلاناتها باللغة الإنجليزية.

نقلا عن الجزيرة