تقود السيارة على الحدود.. ما المهم؟

10/12/2014 16
مازن السديري

أسئلة أطرحها وأحاول أن أجيب عنها؛ حول دور المرأة في التنمية والمشاركة، وهل دورها فعال أم أن طبيعتها الجسدية والبشرية تشكل عائقاً لها؟ وهل صوت احتجاجها دليل على الموضوعية ام التجاوز غير المقبول؟

سأجيب عن هذه الأسئلة بشكل علمي عبر أحداث وأبحاث دون عواطف أو انطباعات، في كتاب السيدة (ليندا روتنبرغ) الجنون هو إطراء - حسب ترجمتي - ذكرت بأن 65% من المشاريع الجريئة تمت على أيدي نساء؛ خصوصاً في مجال الأطعمة والصناعات التحويلية، وإن كانت المرأة قد غابت في مشاريع وادي السلكون، وهذا ما أعطى تصوراً سلبياً عن المرأة، آخر المشاريع الجريئة الناجحة للمرأة كانت للسيدة لطيفة الوعلان من السعودية والتي أشادت بها الكاتبة بنجاح.

البنك الدولي أيضاً يرى بأن من مشاكل الدول الفقيرة تقليم دور المرأة التعليمي والوظيفي، لأن للمرأة نزعة لتأسيس مشاريع صغيرة قادرة على خلق فرص عمل وترك الوظائف العامة لأجيال أخرى، الإحصائيات تؤكد رغبة النساء للتقاعد المبكر إما لفرصة جديدة أو التفرغ للأسرة.

بعيداً عن أرقام مراكز الإحصاء أذكّر الجميع بسيدتين رغم اختلاف مواقعهما تعتبران رموزاً في التاريخ الحديث؛ الأولى السيدة الحديدية تاتشر التي ورثت بريطانيا ضعيفة تعاني التضخم والإفلاس بعد أن سدد صندوق النقد الدولي ديون بريطانيا في آخر السبعينيات، وكأنها مثل اليونان اليوم، ونمو بلغ الصفر لتقود ثورة تحوّل غيّرت وجه التاريخ الاقتصادي لبريطانيا وأعادت النمو بعد أن خاضت معارك سياسية لتغير القوانين، حتى (ريغان) لم يقدم على المبادرة بتقديم نفس الإصلاحات إلا بعد مراقبته لها، ثم وبّخت ميتران ومسحت الظن الأرجنتيني على سواحل (الفوكلاند) بأن الأسد البريطاني مات، اليوم أوروبا التي تعيش الكساد تنتظر مرأة مثلها غير عشرات الرجال الذين أهدروا الفرص.

المرأة الأخرى معصومة ابتكار، ابنة الثورة الإيرانية، التي كانت المتحدثة باسم الطلبة الإيرانيين الذين احتجزوا الرهائن، تلك المرأة التي تحدت النظام وجلست لسنوات - برغم إيمانها بالثورة - لتفرض نفسها كمعارضة للنظام، بل أن تفرض نفسها بأن تكون ضمن الخيارات المحدودة للنظام الإيراني بأن تعود كنائب لرئيس الجمهورية.

من هذه المقدمة يبين جلياً أن قيمة المرأة وطبيعتها الجسدية أو العاطفية هي مجرد اختلاف، لكن لا تشكل عائقاً، وصوت معارضتها مسموع.

من جهة أخرى؛ تفاعل مؤخراً المجتمع مع فتاة وصلت للحدود وتقود السيارة كتحدٍّ وهي من كانت مبتعثة على حساب بلدها، مثل هذا مرفوض وتصرف سطحي، ولكن قلت لنفسي عندما يصمت الكبار يتحدث الصغار.

المملكة كما ذكر رائد نهضتها خادم الحرمين الشريفين - حفظه الله وسدد خطاه - لا تمانع قيادة المرأة، لكن المشكلة هي ثقافة المجتمع، المؤسف بأن الجهات التي يجب أن تؤثر وتغيّر وعي المجتمع لم تتفاعل بشكل يغيّر نظرة المجتمع، مع العلم أن قيادة المرأة مسألة مفروغ من قيمتها الاقتصادية والاجتماعية، وأصبحت متطلباً عصرياً، لكن المملكة بحاجة لإعادة النظر في عدة جهات مثل الحوار الوطني وخلق جهات أخرى قادرة على تغيير فكر المواطن ومحاورته من أندية طلابية وتفعيل المؤسسات الثقافية مثل الأندية الأدبية في الحوار وحتى الاقتصادية مثل الغرف التجارية لتغيير الكثير من قناعات المجتمع غير الموضوعية.

أخيراً؛ كيف نستطيع تنويع مصادر الدخل دون تفعيل الفرد في المجتمع، والمرأة هي نصف المجتمع - إن لم تكن أكثر - ونحن لا ننتظر المرأة لتقود السيارة فقط، بل لتشارك في قيادة التنمية.

نقلا عن الرياض