أساسيات الطلب على البترول

07/12/2014 0
د. أنور أبو العلا

عندما يريد الاقتصاديون أن يدرسوا سوق سلعة ما فإنهم يرسمون أمامهم رسما بيانيا للسوق يتكون من خطين أحدهما أفقيا يضعون عليه كمية السلعة والخط الآخر رأسيا يضعون عليه سعرها.

ثم يرسمون منحيين احدهما يتجه الى الشمال الشرقي (من الأسفل الى الأعلى) يسمونه منحنى العرض والآخر يتجه الى الجنوب الشرقي (من الأعلى الى الأسفل) يسمونه منحنى الطلب.

على سبيل المثال لو افترضنا ان السلعة المعنية بالدراسة هي الطماطم في سوق المقيبرة بالرياض فإنهم يضعون عدد كراتين الطماطم (الكمية) على الخط الأفقي وعدد الريالات (السعر) على الخط الرأسي.

ثم يسجلون عدد الكراتين التي سيطلبها المشترون وعدد الكراتين التي سيعرضها البائعون عند كل سعر الى ان يصلوا عند السعر الذي يتقاطع (يتساوى) عنده منحنى الطلب مع منحنى العرض فيسمونها نقطة توازن سوق الطماطم في سوق المقيبرة بالرياض.

السؤال الآن سنوجهه للمتخصصين في أسواق البترول: إذا اردتم دراسة سوق البترول العالمي فماذا تضعون على الخط الأفقي؟ الجميع سيقولون سنضع عدد براميل البترول.

وإذا سألناهم ماذا تضعون على الخط الرأسي سيقولون سنضع أسعار البترول ولكن المقصود بالسؤال هو بأي عملة تقيسون الأسعار؟

الذين يقولون ان العملة هي الدولار (كما يحدث الآن) عليهم ان يعيدوا التفكير مرّتين فرغم ان الدولار بالنسبة للمستهلك الأمريكي يعتبر فعلا هو وحدة قياس الأسعار ولكنه بالنسبة للمستهلكين (المستوردين) للبترول في الدول الأخرى يستعملون عملاتهم الوطنية (اليورو، الين، اليوان، الروبيّة... الخ) فالذي يهمهم ليس هو عدد الدولارات بل عدد وحدات عملتهم التي سيدفعونها لشراء الدولار فإذا ارتفع سعر صرف الدولار فسيدفعون عددا اكثر من عملاتهم وسيكون تأثيره على انخفاض الطلب على البترول تماما كتأثير ارتفاع سعر الطماطم على خفض الطلب على الطماطم في سوق المقيبرة.

إذن نستخلص من هذا ان العملة التي يضعها المستورد للبترول على الخط الرأسي ليس كما درجت العادة هي الدولار بل هي المعادلة التالية:

تقسيم عدد وحدات عملة الدولة المستوردة للبترول اللازمة لشراء دولار واحد على وحدة واحدة من الدولار ثم نضربها في سعر البترول بالدولار في السوق العالمي.

مثال: نضع في البسط عدد الينات اليابانية اللازمة لشراء دولار واحد، ونضع في المقام وحدة واحدة من الدولار، ثم نضرب الكسر المركّب في سعر البرميل بالدولار.

وهكذا يمكن رسم منحنى الطلب الصحيح على البترول بحيث نرى بوضوح مدى تأثير ارتفاع سعر صرف الدولار مباشرة فكلما ارتفع عدد وحدات البسط كلما انخفض الطلب على البترول.

كذلك يجب ان نعرف ان منحنى الطلب يحتوي على جميع الأساسيات Fundamentals المؤثرة على الكمية المطلوبة للسلعة وهو صورة تعكس علاقة الكمية المطلوبة بمستوى سعرها (أي ان أهم الأساسيات هو سعر السلعة). والآن سنحصر أساسيات الطلب على البترول كالتالي:

اولا: السعر (مؤشر الدولار Index وليس وحدة الدولار) ويقاس المؤشّر بحساب المتوسط المرجح weighted average وهو الذي يحدد انحدار (مرونة) منحنى الطلب العالمي على البترول.

ثانيا: ثم يأتي دور الأساسيات الأخرى وهي تسمى: shift variables لأنها تؤثر على تغيير موقع (تحريك) المنحنى الى الأعلى او الى الأسفل كالتالي:

1 أسعار البترول المتوقعة في المستقبل (لا سيما للمضاربين والمتحوطين)

2 أسعار السلع البديلة (الفحم، الغاز، المتجددة، النووية.. الخ)

3 أسعار السلع المكملة (السيارات، تذاكر الطائرات، حركة الناقلات ..الخ)

4 أسعار المشتقات (البنزين، الديزل، البتروكيماويات.. الخ)

5 النشاط الاقتصادي العالمي (النمو، الأنكماش)

ثالثا: العوامل الثانوية (ليست أساسيات): الضرائب، تقلبات الطبيعة، الاضطرابات السياسية، الحروب، استخدام البترول كعامل ضغط على الأعداء أو كعامل مجاملة للأصدقاء.

تنويه: درجت العادة على اعتبار تغير سعر الصرف ضمن مايسمى: shift variables ولذا يغفل المحللون (معظمهم تابعون للبنوك والبيوت المالية) أهمية إرتفاع سعر الصرف.

نقلا عن الرياض