التوصية بشراء أسهم "اكسترا": بين حماية المستهلك وحماية المستثمر!

23/11/2014 5
حسام الغيلاني

أغلقت وخالفت وزارة التجارة والصناعة مجموعة من منافذ بيع الشركة المتحدة للالكترونيات "اكسترا" بسبب ما وصفته الوزارة بالتلاعب والإيهام في التخفيضات الموسمية التي أعلنت عنها الشركة. وبحسب تصريحات مصدرٍ مسؤول في الوزارة، فإن ملف القضية سيحال إلى هيئة التحقيق والادعاء العام كمخالفةٍ لنظام مكافحة الغش التجاري.

انضمت قضية تلاعب وإيهام "اكسترا" في التخفيضات أخيراً إلى قضايا أخرى أعلنت الوزارة عن ضبطها أواخر العام الماضي، أحدها كان في ديسمبر 2013م، وتمثل أيضاً في إعلانٍ وهمي على موقع الشركة الالكتروني عن عرضٍ بتخفيض سعر أحد منتجاتها بنسبة وصلت إلى حوالي 90%.

وعلى الرغم من تراجع الشركة حينها عن العرض بإدعاء وجود خطأ تقني فيه، إلا أن الوزارة ألزمت الشركة بتنفيذ عملية البيع وتسليم المستهلكين الأجهزة المعروضة بعد ثبوت صحة العرض، بحسب تصريحات الوزارة حينها. وقبل ذلك، في نوفمبر 2013م، أغلقت الوزارة فرع "اكسترا" في محافظة حفر الباطن لتكرار مخالفات بطاقة السعر وعدم الالتزام باللغة العربية.

والحديث لا زال عن الإفصاح في السوق المالية في المملكة، فإن شركة "اكسترا" تبدو مثالاً جديداً، ولافتاً للانتباه، على استمرار ظاهرة عدم التزام الشركات المدرجة في السوق بالوفاء بمتطلبات الإفصاح عن التطورات الجوهرية التي تؤثر على سعر الأوراق المالية "الأسهم" المتداولة.

سلوك شركة "اكسترا"، إدارياً وتسويقياً وتشغيلياً، وإخلالاتها المتكررة بالأنظمة التجارية –التي تمثل مصدر الالتزام الرئيسي في الأنشطة الرئيسية للشركة–هو محل تساؤلٍ في حد ذاته –من جانب حماية المستهلك–، ولكن الغياب التام لأي معلومةٍ ذات صلة بهذه الإخلالات وعدم انعكاسها، كما يظهر من إعلانات الشركة على موقع "تداول"، كشركةٍ مدرجةٍ في السوق المالية السعودية هو مصدر إزعاج –من جانب حماية المستثمر–.

بل، وبالنظر إلى حادثة "اكسترا" من كافة جوانبها، إضافةً إلى ما سبقها من حالاتٍ منذ عام 2006م –وآخرها حادثة "موبايلي"–، فإن توصيف حالة الإفصاح في السوق بـ"الأزمة العميقة" هو وصفٌ متحفظ قد لا تتفق معه عاطفة السوق، والتي قد تستدعي ألفاظاً أخرى مثل "الفشل" و"الكارثة" –– بالنظر إلى النتائج.

وللبرهنة على عمق الأزمة، فإن قضية شركة "اكسترا" في ديسمبر 2013م تطورت من خطأ تقني وتحريري على موقع الشركة تقاطع مع مئات العملاء إلى محاولة الشركة التهرب من إتمام عملية بيعٍ مكتملة الأركان وصولاً إلى تأكيداتٍ لوزير التجارة والصناعة على إلزام الشركة بضرورة إتمام عملية البيع، وتأكيد من الوزارة على أن عدم الالتزام سيعني البدء في الإجراءات النظامية وتحويل القضية إلى هيئة التحقيق والإدعاء العام.

مرّ كل ذلك دون أي ذكر على السوق المالية، وليُطرح السؤال: إذا كان وصول شركةٍ مدرجةٍ إلى مرحلة الخضوع لإجراءات نظامية، بتبعاتها، على فعلٍ مجرّم لا يؤثر عليها، سلباً أو إيجاباً، ولا يعد تطوراً جوهرياً يستدعي تفعيل المادة (46) من نظام السوق المالية، فما هو التطور الجوهري إذاً؟

تقرير مجلس إدارة "اكسترا" السنوي في نهاية السنة المالية 2013م لم يعكس هذا الحدث إطلاقاً. بل على العكس، أظهرت الشركة خدمة العملاء كواحدةٍ من إنجازات السنة المالية، رغم أن ما حصل لا يمكن وصفه إلا بالفشل (Failure) الذي يستلزم الإفصاح.

الأمر تجاوز ذلك إلى تقييم المخاطر، إذ استعرض تقرير مجلس الإدارة بند المخاطر المتعلقة بعمليات الشركة، وفيه جاءت الأنظمة والقوانين أولاً. وأكدت الشركة عدم وجود مؤشرات حول أي تغييرات في البيئة النظامية والتي قد يكون لها تأثير سلبي جوهري على عمليات الشركة وتوقعاتها، مغفلةً فشلها في الالتزام النظامي وخضوعها لإجراءات وزارة التجارة والصناعة النظامية حينها مرتين، والتي كان من المحتمل أن تصل بها إلى إيقاع العقوبات النظامية، وهو الأمر الذي كان من المحتمل أن يؤثر على مركز الشركة المالي وموقعها التنافسي وعلاقتها بعملائها.

ومجدداً، وبالنظر إلى المادة (45) من نظام السوق المالية، يعود السؤال عن جدوى التقارير السنوية إذا كانت ستغفل هكذا معلومات، وجدية الهيئة في مراجعة هذه التقارير ودقتها في عكس حقائق الأمور.

بدورها، والحديث عن المادتين (45) من نظام السوق المالية، و(229) من نظام الشركات، أغفلت قوائم الشركة المالية وتقرير مراجعي الحسابات هذا الحدث أيضاً رغم تأثيره المؤكد على المركز المالي للشركة، وذلك إما بالخسارة في حال تنفيذ الشركة لإلزام الوزارة، أو بالعقوبات المحتملة في حال عدم الالتزام. 

لم تظهر الإيضاحات أيّ معلومات بهذا الشأن، واكتفت الشركة ومراجع حساباتها، شركة ديلويت آند توش–بكر أبو الخير وشركاءهم، بالإشارة في ملخص أهم السياسات المحاسبية للشركة إلى تعريف "مخصص الالتزامات"، بأنه يجري عمل مخصص في القائمة المالية عندما يكون على الشركة التزام قانوني أو استنتاجي، بناء على أحداث سابقة، ويكون من المحتمل أن يترتب على ذلك استخدام مصادر ذات مزايا اقتصادية للشركة لسداد الالتزام ومن الممكن تقدير الالتزام بشكل يمكن الاعتماد عليه.

الغريب في الأمر أنه لم يرد أي تفصيل موضوعي لمخصص الالتزامات هذا في القائمة المالية على الرغم من ورود تفصيلات موضوعية لبقية السياسات المحاسبية. والسؤال هنا: ما هي الحاجة إلى إيراد تعريف سياسة محاسبية لم تستخدم أصلاً في القائمة المالية؟ في الوقت الذي كان وجود التزامات قانونية تستوجب تفصيل هذه السياسة محتملاً.

ما يحصل اليوم من قبل شركة "اكسترا" هو امتداد لما حصل خلال الشهر المنصرم لشركة "موبايلي"، من حيث محاولات تهوين أمر المخالفات النظامية، وهذه جرأة تستوجب النظر وسرعة التحرك من قبل هيئة السوق المالية.

فرضية كفاءة السوق المالية (Efficient Market Hypothesis)، والحائز منظرّها يوجين فاما على جائزة نوبل في الاقتصاد، تعطي أحد الحلول وأهمها: "توفير المعلومة". لا يمكن لأحدٍ استغلال السوق سلباً مع وجود كافة المعلومات ذات العلاقة بالورقة المالية المتداولة. 

وبالقياس على حالتي "اكسترا" و"موبايلي"، فإنه لا بد من تقعيد مصطلح "التطورات الجوهرية" الوارد في نظام السوق المالية، ومصطلح "الوقائع الجوهرية" الوارد في نظام الشركات، وإزالة الاضطراب القانوني المحيط بهما عبر تفصيل أكثر دقة، شكلاً وموضوعاً، وإجراءات أكثر صرامة مع تحديد واضح للمسؤوليات.

عدا ذلك، فإن البيان الصحفي لـ"اكسترا" تعليقاً على إغلاق محالها ينبئ بمبيعات مرتفعة، وهوسٍ استهلاكي كبير، وبالتالي عوائد مالية محتملة على الاستثمار في أسهمها قبل نهاية السنة المالية الحالية وقرار مجلس الإدارة توزيع الأرباح، وحتماً حوافز وبدلات تنفيذيي الشركة.

وكلها معطيات صالحة للتوصية بشراء سهم "اكسترا" طالما أن ضبط ممارسة غش تجاري ليس تطوراً جوهرياً يستدعي النشر على "تداول"، والإفصاح في التقارير المالية!