الخبر الأهم للسعوديين.. توزيع السكن

03/11/2014 7
جمال بنون

الأسبوع الماضي كان الخبر الأهم بالنسبة إلى السعوديين هو إعلان وزارة الإسكان منتجات الدعم السكني في المرحلة الأولى، التي ستعلن خلال أيام، وأعلنت الوزارة من خلال موقعها الإلكتروني أن لديها 306629 منتجاً سكنياً ستوزع على المتقدمين، ويبلغ عدد المستحقين للسكن بعد أن تم استكمال الشروط المطلوبة نحو 621 ألف مواطن

وبحسب بيان وزارة الإسكان أنها ستوزع في هذه المرحلة قرض سكني إلى 200 ألف مستفيد، و41 ألف سيحصلون على قرض لشراء شقة سكنية، فيما ستوزع على 252216 مواطناً قطع أراضٍ، إضافة إلى قرض البناء، وأخيراً سيحصل 12496 مواطناً على وحدات سكنية.

هذا الإعلان من وزارة الإسكان أفرح على الأقل نصف المتقدمين، ويبقى الفرح مؤجلاً لدى النصف الآخر من المتقدمين.

إنما هناك تساؤلات عدة حول المرحلة الأولى، يتطلب الأمر الإيضاح للمواطنين؛ لأنها ستنعكس على سوق العقار، وأيضاً على سوق المقاولات والبناء، في ما يتعلق بسوق العقار فلن يتأثر بإعلان هذه المنتجات السكنية، ولاسيما أن الذين سيستفيدون بشكل مباشر وعاجل من هذه المنتجات هم الذين سيحصلون على المنتجات السكنية الجاهزة التي ستوزعها، وعددهم نحو21500، وهو ما يعني أقل من 5 في المئة من عدد المستفيدين في المرحلة الأولى، وحينما توزعها على بقية المناطق فهي أرقام ضعيفة لن تسهم في خفض أسعار الشقق والمنازل، وستبقى على ما هي عليه، بينما 15 في المئة من المستفيدين سيستغرق الأمر نحو عام أو عامين حتى ينتهوا من شراء شقة سكنية، أما 80 في المئة من المتقدمين سيمضي أكثر من عامين إلى ثلاثة حتى يستكملوا البناء وإتمام إجراءات تسلُّم الصكوك، بحسب تقديري الأمر يستغرق ثلاثة أعوام؛ لتنفيذ المرحلة الأولى، هذا إذا سارت الأمور بالوجه الصحيح ووفق الخطة.

إنما دعوني أعود إلى قبل 35 عاماً إلى الوراء، حينما شرعت الحكومة إلى تقديم الدعم السكني للمواطنين، بتقديم منح أراضٍ للمواطنين، وتقديم قروض بناء من صندوق التنمية العقاري، ومنتجات سكنية نفذتها حينها وزارة الأشغال العامة والإسكان.. فما الذي حدث؟

ظهرت مشكلات في الصكوك بالنسبة إلى المنح التي حصل عليها المواطنون، وشهدت المحاكم الكثير من الخلافات والصراعات، بعضها لا تزال قائمة وبعضها ألغيت، ومن حصل على منح سكنية حينها سلمت أراضٍ في الصحراء، لا تتوافر لها خدمات مثل الكهرباء والماء والمرافق الحكومية والخدمية، حتى لجأ بعضهم إلى تجارة العقار وبيع الأراضي الممنوحة، وقتها استفاد هوامير السوق من شراء هذه الأراضي والمنازل بأسعار متدنية، والذين حصلوا على قرض وبنوا منازلهم لم يتمكنوا من السكن فيها، نتيجة بعد المسافة عن المناطق الحضرية، أما الوحدات السكنية فهي مشروع فلل نفذت في مكة المكرمة وبعض المدن وهي أعداد قليلة لم تلبِّ الغرض، وزعت عن طريق القرعة، ولم تستكمل الشركة المنفذة بقية المشروع، أما مشروع الوحدات السكنية التي نفذت في جدة وبعض المدن فهي (الوحدات) في الحقيقة كانت صادمة؛ لأنها كانت أشبه بأقفاص، ولغياب آلية السكن وأيضاً الصيانة العامة، أجّر الكثيرون شققهم، وسكنوا في أماكن أخرى، ليسددوا أقساط البنك من عائدات الإيجار، والآن إذا مررت في شارع الـ60 في جدة ستجد عمائر شاهقة بالقرب من طريق الملك عبدالله، عمائر قذرة ووسخة، وتجد المياه تنزل من بعض المساكن والمصعد تالف، كأنك تدخل عش الدبابير، وأرجو ألا يفهم سكان هذه العمائر كلامي تقليلاً أو إهانة لهم، فالمقصود حالة العمائر. فكانت النتيجة أن المستفيدين من مشروع الإسكان في ذلك الحين لا يقل عن 20 في المئة من المتقدمين، سواء أكان قرضاً أم أرضاً أم سكناً.

واليوم، حينما تعلن وزارة الإسكان طرح منتجاتها للتوزيع، أخشى أن تكون نسخة مكررة لما حدث في السابق، فالتجربة السابقة غير ناجحة على الإطلاق.

التساؤلات التي تحير المستفيدين، ولاسيما أولئك الذين سيحصلون على أرض وقرض: هل هي أراضٍ تملكت الوزارة على صكوكاً باسمها، وهل هذه الأراضي تم تخطيطها وتقسيمها بطريقة هندسية، وتتوافر فيها الخدمات والمرافق الحكومية، بصريح العبارة هل هي مخططات مطورة، هل المساحات متعادلة أم أنها مساحات مختلفة، في ما يتعلق بقرض البناء: هل ستسلم للمواطنين، وعليهم أن يتولوا البحث عن مقاول، إذا كان الأمر هكذا، فهذا يعني من الآن، ننتظر حرب المقاولين والاستغلال، ولا نعرف إذا كان مبلغ القرض سيكفي لبناء منزل أم لا، إذا كان المبلغ 500 ألف ريال أو حتى 700 ألف ريال لن يكفي إذا سلمت له على شكل دفعات، فمن الأولى لإنجاح مشروع القرض والأرض أن تتفق الوزارة مع عدد من المقاولين في المناطق والمدن السعودية، بحيث توكل لهم بناء هذه المباني وفق المعايير المطلوبة للوزارة، ويتم الاتفاق على أن تحاسبهم هي وليس المواطن، بهذه الطريقة نضمن نجاح مشروع الإسكان بدلاً من تعثره، أو ظهور حالات سابقة، وهي الحصول على القرض وعدم اكتمال البناء، كما يفتح باباً واسعاً لتشغيل قطاع كبير من المقاولين الصغار في الحصول على مشاريع جزئية من بناء المساكن، وبأسعار معقولة.

أما الوحدات السكنية التي سيتم توزيعها فالموضوع لا يزال يشغل بال السعوديين، هل هي فلل وكم مساحتها؟ وفي ما يتعلق بتقديم قروض لشراء شقة سكنية هنا ستبرز مشكلة وهي: من هم الذين سيبيعون هذه الشقق؟ وكيف نضمن أنهم لن يبالغوا في الأسعار؟ ومن يتحكم في الأسعار؟ بحيث تتناسب مع قيمة القرض. هذه المشكلة يجب أن توجد وزارة الإسكان لها حل، بحيث تكون سهلة وليست معقدة، ولا تظهر سوق سوداء لبيع الشقق.

أعتقد بأنه إذا تم انتقال 41 ألف مستفيد إلى الشقق السكنية بطريقة سلسة ومن دون تعقيد أو تأخير، سينعكس إيجاباً على سوق العقارات والوحدات السكنية، وسيسهم في خفض قيمة الإيجار بشكل طفيف، وإلا ستشهد السوق ارتفاعاً مستمراً فيما لو فشت المحاولة.

وزارة الإسكان السعودية أمام اختبار صعب، إما أن تنجح في مرحلتها الأولى بتصريف المنتجات الموجودة لديها، وهي أكثر من 300 ألف منتج، أو أنها ستسقط في أول اختبار لها، فما تحقق خلال الفترة الوجيزة الماضية هو إنجاز تُشكر عليه، ويجب أن تحافظ على هذا المنجز بتوزيعها وتخفيف إجراءات التسليم بما يضمن نجاح خطتها.

نقلا عن الحياة