تصادم الفقيه مع الاقتصاد

15/10/2014 7
مازن السديري

دائماً يصور المهتمون بالمال والاقتصاد بأنهم إنتهازيون والمثقفون بأنهم محبطون سواء في الرواية أو الطرح العربي وذلك يعود للتكوين الإشتراكي واليساري لأغلب المثقفين العرب الذين أفرزتهم الأنظمة اليسارية العربية منذ الخمسينات، وفي المقابل كانت التنمية في أوروبا والازدهار الاقتصادي هي وليدة الثقافة والمبادئ التي رسخها المثقفون وصورها الفنانون للجمهور، سؤالي ماذا فعل الفقيه في مجتمعنا من أجل التنمية.

نعم الفقيه الذي يتقاطع مع المثقف في مفهوم صنع الحكمة الجماعية للمجتمع ورفع الوعي للفرد، في أوروبا المفاهيم المنطقية والأخلاق البناءة التي ناضل من أجلها المثقف الأوروبي من هيجل إلى ريمون آرون جعلت الأوروبي يؤمن بالعمل والإنتاج والعلم وقبول الخسارة وأن يحلم بالمجد وهو بين حطام برلين المدينة الحزينة والذي مع التنمية ساعد في ارتفاع الوعي الاستهلاكي للأوروبي لمنتجات صديقة للبيئة..

في نظرهم إذا لم يكن النمو الاقتصادي مرتبطاً بنمو حضاري فهو نمو كمي يفتقد الجودة ويكون من آثاره ارتفاع التلوث والأمراض وانخفاض متوسط الأعمار والتعليم والإنفاق غير الأخلاقي في الدعارة والانحراف، لذلك كان ربط الاقتصاد بالثقافة هو صمَام الأمان في الدول المتقدمة للحفاظ على رأس مالها البشري، في المقابل أين أجد الفقيه في عالمنا.

تجد الفقيه في تصادم الواقع الاقتصادي، موقفه سلبي ورافض للنظام النقدي الذي أصبح نظاماً عالمياً لامناص منه ونتج من هذا التصادم تمويل إسلامي أكثر كلفة، في مداخلة طريفة للشيخ الكلباني: مصرف بلحية وآخر بدون والمواطن مسكين، التأمين والذي يعيش نفس التصادم، في قراءة عن ميزانية وزارة الصحة بأن ريعها كفيل بتأمين موظفي الدولة المحرومين من هذه الميزة قياسا بزملائهم في القطاع الخاص، ونسمع عن أن هناك رفضاً بسبب الإفتاء، كم العاطلات من النساء والسبب مفهوم الاختلاط مع الذي أنهك ميزانية الدولة بخلق وظائف نسائية تراعي هذا العامل مع العلم أن الفقر والفراغ هو دافع الانحراف أكثر من أي عامل آخر، بالإضافة لآراء غريبة من أجل الاختلاط مثل هدم الحرم الشريف وإعادة بنائه لمراعاة الاختلاط، ترى هل تسأل صاحب الفكرة كم سيكلف وكم هي الاحتياجات المجتمعية الضرورية في البنية التحتية للنهوض.

للأسف هذا التفكير سمح بخروج كثير من السيولة للخارج بسبب ضعف السياحة الداخلية التي تخنقها الآراء المتشددة والتي كان يجب أن تراعيارتفاع الوعي والإنتاجية للفرد وليس التضييق عليه.

لست فقيها ولكن ما أراه هو تصادم بعض الآراء الفقهية مع الواقع الاقتصادي وأصلا لا تشكل نسبة بسيطة في حساباته، هذا عكس ما قرأنا وسمعنا عنه في عهد الدولة الإسلامية القوية عبر العصور من الأموية الشرقية إلى الأموية الأندلسية والأيوبية وأخيرا العثمانية، هذا التصادم لا تستطيع أموال الدنيا تجاهله ولكن العقل والمنطق.

نقلا عن الرياض